“رهانات” الأكثرية… “الثمار الحكوميّة” آتية؟!
لا جديد في الأفق الحكوميّ، بحسب ما توحي كلّ المؤشّرات. الرحلة “الطائرة” التي جمعت رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري، “في الجوّ”، لم تكسر “الجمود”، رغم ما أثير عن “دردشةٍ” بين الرجلين، هي الأولى منذ “اعتذار” السفير مصطفى أديب، إلا أنّها لم تتخطَّ “العموميّات”.
ببساطة، يبدو أنّ الكلّ بانتظار الكلّ، ولا أحد يسعى ليكون صاحب المبادرة. ثمّة بين اللبنانيين مثلاً، من ينتظر أن “يستنفر” الفرنسيّون لـ “إنقاذ” مبادرتهم، بعدما “ضاع” أسبوعان من عمر “المهلة الممدَّدة” التي منحها الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون للمسؤولين اللبنانيين، من دون أن يطرأ جديد، أو يُسجَّل اتصالٌ واحدٌ بين المعنيّين.
لكن، هناك من يعتقد أيضاً أنّ “متغيّراتٍ كبرى” آتية ستنعكس تلقائياً على الملفّ الحكوميّ، بل ثمّة من “يراهن” على هذه المتغيّرات لـ “تحصين” موقعه في المعادلة، وفق ما يقول بعض المتابعين، في إشارةٍ ضمنيّة إلى “الاتفاق الإطار” حول مفاوضات ترسيم الحدود، والذي لا بدّ من “جني ثماره” عاجلاً أم آجلاً.
“الظرف اختلف”؟!
“ما قبل اتفاق الترسيم ليس كما بعده”. تبدو هذه المعادلة المستجدّة لسان حال الكثير من القوى المحسوبة على الأكثرية النيابية، ولا سيما “الثنائيّ الشيعيّ”، ممّن يعتبرون أنّ الاتفاق الجدليّ الذي أعلِن بـ “مباركته” الأسبوع الماضي، لن يكون بلا “ثمن”، وهذا “الثمن” سيتّخذ شكل “الليونة والمرونة” في التعاطي مع مطالبه.
ومع أنّ الأميركيّين وغيرهم “تعمّدوا” تأكيد فصل ملفّ الترسيم عن سائر الملفّات، بما فيها العقوبات التي كانت الإدارة الأميركية باشرت بتكثيفها على “حزب الله” وحلفائه، فإنّ المتابعين يؤكدون أنّ انطباعات “الثنائي” مختلفة، وأنّه يتعامل اليوم مع الملفّ الحكوميّ بنَفَسٍ أقوى بكثير ممّا كان في السابق، بل إنّه على يقين بأنّ ما كان “محظوراً” عليه قبل أيام، بات اليوم مقبولاً، “مع حبّة مسك”.
ولعلّ هذا الانطباع هو يفسّر “إطفاء” الثنائيّ لمحرّكاته، بانتظار أن تأتيه “المبادرات” من الداخل والخارج على حدّ سواء، علماً أنّه قرأ بإيجابية عودة الحديث عن حكومة “تكنوسياسية”، بديلاً عن صيغة “التكنوقراط” المحض التي كان البعض يتمسّك بها، في “واقعيّةٍ يُبنى عليها”، ولو أنّ أوساطه تؤكد أنّ أيّ “تواصلٍ مباشرٍ” معه حول هذه النقطة لم يحصل بعد.
خطة “باء”!
“رهان” قوى الأكثرية، ولا سيما “الثنائيّ”، على “تغييرٍ” في المقاربة بنتيجة اتفاق الترسيم المبدئيّ، يدفع إليه الأميركيّ قبل غيره، لا يعني أنّه أقفل الباب أمام “مروحة خياراته”، التي يشير بعض المطّلعين إلى أنّها تبقى “مفتوحة حتى إشعارٍ آخر”، خصوصاً إذا ما شعر أنّ هناك من يصرّ على وضع “العصيّ في الدواليب”.
ولعلّ هذا بالتحديد هو ما يفسّر “التسريبات” المكثّفة التي لجأ إليها بعض الإعلام المحسوب على “الثنائي” قبل غيره، والتي تمحورت حول أفكارٍ كان يفترض أنّها باتت من الماضي، من قبيل “تعويم” حكومة تصريف الأعمال الحاليّة، أو حتّى عودة رئيسها حسّان دياب عن “استقالته”، في “سابقةٍ” لم تحصل أصلاً منذ اتفاق الطائف، فضلاً عن كونها مخالفة لكلّ مندرجاته.
وإذا كان البعض يبرّر هذه “التسريبات”، بالحديث عن “رسائل انفتاح” وصلت إلى قوى “الأكثرية” بتغيير طريقة التعاطي مع حكومة دياب، في حال “تعويمها”، فإنّ هناك من يؤكد في المقابل أنّ طرحها لا يعدو كونه جزءاً من “التهويل”، لأنّ الأكثرية التي “طيّرت” دياب وحكومته بنفسها، تدرك أنّ “تفعيلها” سيكون مجرّد “مسكّن” لن يقدّم أو يؤخّر، بل على الأرجح أنّه سيؤخّر كثيراً، في ظرفٍ لا يتيح مثل هذا “الترف”.
تعتقد “الأكثرية” أنّ اتفاق ترسيم الحدود، بعد الكثير من الأخذ والردّ والجدل، يمنحها “زمام المبادرة”، ويسمح لها بتغيير “قواعد اللعبة”، بما يضمن تحوّل شروطها من “تعجيزية” إلى “مقبولة” بالحدّ الأدنى. لذلك، ربما، ترفع السقف، توقّعاً وتلويحاً، بانتظار أن يتلقّف المعنيّون الأمر، فيتحرّكوا لكسر “الجمود” أو خرقه…
خاص “لبنان 24”