اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

إلى العصر الحجري درّ (محمد السيد)

الوادي

في السطور القليلة الموالية، قررت أن أحدثكم عن لبنان، الذي تساهمون في تغييره، ولا يجب أن تكونوا كما تصف بعض الوسائل الإعلامية المشحونة بالتشجيعات والتحفيزات الحاثة على التغيير.
لا شك إن ماضي لبنان في عصره الذهبي الذي أشرق منذ منتصف الخمسينات حتى منتصف السبعينات، قد لقب بسويسرا الشرق، وعالمنا يمتلك من النبل والسحر والتكامل، ما يندر وجوده… لأننا أمة قبل أن نكون شعباً، نعتز بحضارتنا وعراقة تاريخنا وهويتنا، ولا ننتمي إلى بلد ما بل ننتمي إلى وطن كامل.
اليوم وفي عصرنا هذا، (العصر الحجري) الذي نعيش فيه واختلت موازينه وانقلبت، فصار الباطل حقا، والحرام حلالاً مستحباً، فلا يستطيع أحد إنكار الحد الذي وصلنا إليه من تدني المستوى على كل الأصعدة.
من بعد أن كان اللبنانيون محبون للحياة والبذخ. لايحسبون حساب الغد، يأملون دائما ببصيص ضوء يحمله الغيب حتى في أحلك الظروف. استفاقوا يوماً ليجدوا أنفسهم وقد صاروا على باب وعتبة الفقر، وإن كان لا يزالوا يملكون، على الورق، ما يكفيهم لعيش كريم، يتخبطون بأزمة مالية اقتصادية معيشية تفوق كل ما عاشوه شدة في تاريخهم الطويل الحافل بالأزمات والشدائد، أزمة فرضت عليهم تغيير أسلوب حياتهم ليصمدوا في وجهها بكرامة..
اعتادوا اللبنانيون العيش “على البركة” و لم يفكروا يوما بتدوين او جدولة ما ينفقون، كانت كل قروشهم بيضاء بدعم من نظام مصرفي عالي الفوائد، لكنه فجأة وفي الأيام السوداء التي فرضتها عليهم المصارف ذاتها والنظام الاقتصادي المتهالك، افتقدوا القرش الأبيض.
كانوا يظنون نفسهم متوسطي الحال، مستورين، باتوا مضطرين للبحث عن طرق يوفرون فيها ما أمكنوا من مالهم ليتمكنوا من الثبات في وجه أزمة اقتصادية عاصفة رعناء تتهدد حياتهم ومستقبلهم ومستقبل عائلتهم.
كثيرة هي الحكايات والقصص التي يرويها اللبنانيون عن واقع حالهم في يومنا هذا وسعيهم المحموم لتوفير قرش بات الحصول عليه مهمة شاقة أو مستحيلة في عصر كان ذهبي وأصبح حجري بإستعمال أدوات بدائية للزراعة والصناعة سببها ارتفاع الدولا وهبوطه
.
لقد بلغ اللبنانيون، أبعد حدود اليأس فلم يعد لديه ما يخسروه. ولبناننا اليوم أمام طريق مسدود فهو رهينة الكوفيد – 19 فيروس كورونا المستجد، ويتخبط بالدولار الأميركي صعوداً ونزولاً، وترعبهم كثيراً فكرة تخيّل ما سيؤول إليه حال الأيام القادمة، وأي مصائب ستحدث؟ ومتى سينتهي المشهد وتنتهي معه الحلقة الأخيرة….
فإن ما نسعى اليه هو امتلاك المقومات والعناصر التي تشكّل مكونات لصياغة رؤيا استراتيجية تمكن من تخفيف الأثار السلبية والتفاعلات غير المرغوبة…
قبل الختام فإذا استمر الدولار على ماهو عليه في الصعود والهبوط لا شك أننا سنكرر قصص الحياة في العصر الحجري رغم الحرص والتدبير…
ختاماً سأوجه تحية لأولئك، الذين قرروا ضرب أسلوبهم، عرض الحائط. ويقرروا أن يكونوا الإستثناء من القاعدة، ومن كل القواعد السخيفة الغبية…، تحية للمتميزين عن غيرهم بالفكر، للمبدعين في الإختلاف.
تحية للصادقين مع النفس والأخرين.
تحية للحالمين بغد أفضل، العارفين معنى الحياة.
تحية طيبة لكل هؤلاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى