اخر الاخبار

لماذا يذكّر مجلس الأمن اللبنانيين بـ “إعلان بعبدا” الآن؟!

لم يتجاوز عمر “إعلان بعبدا” ثماني سنوات حتى يدخل في ذاكرة نسيان اللبنانيين، وقد قيل عنه يومها “بلّوه وشربوا مياتو”، ما يعني أن ما ورد في متنه، وبموافقة جميع الأطراف بمن فيهم “حزب الله”، يتناقض مع الأهداف، التي يرى الحزب فيها حدّا لحرية حركته، التي لم تعد مقيدّة اليوم، بعدما تحررت بفعل تدخله في الحرب الدائرة في سوريا، وهو ما يخالف صراحة البند 12 من هذا الإعلان، وقد جاء فيه” تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم”.

وما نسيه اللبنانيون يبدو أن مجلس الأمن الدولي لم ينسه، وهو أراد تذكير اللبنانيين ببنوده السبعة عشر، والتي يعتبر أنها لا تزال صالحة لهذا الزمان ولكل زمان، بغض النظر عمّا يعيشه لبنان في الوقت الراهن من أزمات إقتصادية ومالية تطغى على ما عداها من أزمات.

فأعضاء مجلس الأمن، وبالأخص الأعضاء الدائمين فيه، الذين يعرفون تمام المعرفة الصعوبات المالية التي يعاني منها لبنان، وهو قد بدأ مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي طلبًا لمساعدته في تخطّي أزماته المالية، تقصدّوا تذكير اللبنانيين بهذه البنود، مع أن بعضها يبدو غير متطابق مع الواقع الذي يعيشه لبنان، خصوصًا بالنسبة إلى البندين الثاني والثالث، حيث جاء في الأول الدعوة إلى التزام “نهج الحوار والتهدئة الأمنيّة والسياسيّة والإعلاميّة والسعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة”. أما الثاني ففيه دعوة إلى التزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الأهلي والحؤول دون اللجوء إلى العنف والانزلاق بالبلاد إلى الفتنة، وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف.

وفق المنطق العام فإن هذين البندين كانا نتيجة تجربة مرّة عاشها لبنان في 7 أيار من العام 2008، وهما غير واردين اليوم، وبالأخص أن حكومة حسّان دياب هي حكومة “حزب الله”، وهي بطبيعة الحال لن تتخذ أي قرار من شأنه إستفزاز الحزب، وبالتالي فإن الأطراف الأخرى ليست في وارد “اللجوء إلى السلاح والعنف، مهما تكن الهواجس والاحتقانات”، كما ورد في البند الثالث من الإعلان، والذي “يؤدّي إلى خسارة محتّمة وضرر لجميع الأطراف ويهدّد أرزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة.” وهذا يعني أن لبنان غير مستعد أو غير مؤهل لأن يدخل في دائرة المجهول مرّة جديدة.

أما لماذا أعاد مجلس الأمن التذكير بهذا الإعلان في هذا التوقيت بالذات فإن بعض المطلعين يجيبون بأن أغلب الظن أن الدول التي لا تزال مهتمة بالوضع اللبناني الداخلي حريصة على أن يبقى في منأى عن الصراعات الإقليمية، وأن يبقى التمسّك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده هدفًا بحد ذاته، لأن لدى هذه الدول، على ما يبدو، معلومات تفيد بأن هناك بعض المحاولات للإنقضاض على إتفاق الطائف، الذي لا يزال يسيّرإنتظام عمل المؤسسات الدستورية حتى هذه اللحظة. وهذا ما يقلقها ويدعوها إلى إعلان الإستنفار العام لدى بعض اللبنانيين الذين لا يرون أن الوقت مناسب لطرح فكرة المؤتمر التأسيسي، الذي يسعى إليه البعض بحجة أن إتفاق الطائف لم يعد ملائمًا مع ديموغرافية لبنان الجديدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى