اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

شينكر لمجموعات 17 تشرين: لستم بديلاً للتركيبة الحاكمة

نادر فوز

خرج إلى العلن اليوم خبر لقاء مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، مع ممثلي عن مجموعات في 17 تشرين. وكان اللقاء الذي عقد بواسطة وسائل الاتصالات بالفيديو عبر الانترنت، قد تمّ أمس الأربعاء، وجرى الإفصاح عنه اليوم الخميس في تغريدة على حساب السفارة الأميركية في بيروت.

وحسب معلومات حصلت عليها “المدن”، من المفترض أن يستكمل شينكر اليوم لقاءاته مع ممثلين عن المعارضة السياسية والشعبية في لبنان، من دون معرفة إن كانت ستتمّ من خلال لقاءات شخصية أو أيضاً عبر الإنترنت. وكان اللافت أثناء اللقاء عدم تطرّق شينكر لموضوع حزب الله، إلا عرضياً.

لقاء الأربعاء
وكان قد التقى شينكر، إلكترونياً، بكل من وضاح صادق ممثلاً “أنا خط أحمر”، ألين جرماني ممثلةً “لبنان عن جديد”، حسين عشي ممثلاً عن “منتشرين”، والناشطة لوري هياتيان ممثلة عن “حزب تقدّم”.
وحسب أحد المشاركين فيه، أكد المشاركون على ثابتتين سياسيتين تتمثّلان بأنّ “لا ثقة بهذه المنظومة، وأن لا فعلَ إنقاذياً يمكن أن ينتج عنها. وبالتالي، فإنّ منحها فرصة للإصلاح مضيعة للوقت”. كما تقدّم كل ممثل لمجموعته بطرحه للخروج من الأزمة، وقد تمحورت الطروح على “تشكيل حكومة إنقاذية مع صلاحيات تشريعية، وانتخابات نيابية لا تديرها المنظومة، ووفق قانون مختلف، على أن تكون الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة الإنقاذية قد رسخت حتى لو لم تتبدّل واقعياً التركيبة النيابية والسياسية بعد الانتخابات”. 

وفي هذا الإطار، تؤكد لوري هياتيان لـ”المدن” على أنّ “اللقاء كان تعارفياً، أطلعنا خلاله شينكر على هواجسنا وأعمالنا ومشاريعنا، والإصلاح المطلوب على مستوى المنظومة والإدارة والقضاء”. وتضيف: “ما نقوله في العلن، قلناه في الاجتماع، والأهم من كل ذلك التشديد على أننا أحزاب ومجموعات سياسية لنا مشاريع، ولسنا مجتمعاً مدنياً”. وتشير هياتيان إلى أنّ “اللقاء تم بناءً على دعوة المسؤول الأميركي، ونحن كأحزاب سياسية منتفحون على أي دعوة للتواصل مع أي طرف كان، مع السعوديين مع الإيرانيين مع الفرنسيين”.

كلام شينكر
ويضيف المصدر نفسه لـ”المدن” أنه كان لشينكر نقداً واضحاً للمجموعات. فقال ما معناه “أنتم غير موجودين وغير فاعلين، فما هو مشروعكم الموحّد؟ لا يمكن التعويل على واقع مماثل قادر على الحلول مكان المنظومة الحالية. وبالتالي، لا نرى إمكانية لانتقال السلطة من هذه التركيبة إلى أخرى”. ويمكن اختصار موقف شينكر بأنّ تغيير التركيبة السياسية ضروري، لكن لا بديلَ جدياً عنها حتى الآن. كما أنه لم يأت على ذكر حزب الله إلا خلال إشارته إلى كون طرح الانتخابات النيابية مؤجل “لكون حزب الله غير راغب بهذه الانتخابات، وهو مصرّ أساساً على القانون الانتخابي الحالي في حال تم تحديد موعد للانتخابات المبكرة”.

رد فعل فردي
ولم يلق إعلان خبر اللقاء الذي عقد مساء الأربعاء، ترحيباً من قبل عدد من المجموعات. أو على الأقلّ أغلبها ظلّ ساكتاً. ولم يخرج رد فعل جماعي إلى العلن بل بعض الردود الفردية، ما يترك انطباعاً وكأنّ بعض هذه المجموعات تحاول المحافظة على “خط الرجعة”، في حال تمّ الاتصال بها من السفارة والمسؤولين فيها، لطرح وجهة نظرهم وضمّها إلى وجهات النظر المختلفة التي يتمّ تجميعها لصالح شينكر.
واللقاء، يستوجب جملة من التساؤلات، منها إن كانت المجموعات المجتمعة قد ادّعت تمثيلها للثورة والناس، ونوعية الخطاب والمضمون الذي قدّمته للمسؤول الأميركي. فقد فُتح بات التخوين على مصراعيه، على مستويين أساسيين. الأول لصالح السلطة، في اللقاء بحدّ ذاته مع ممثل عن الإدارة الأميركية، وهو ما سيستهلكه بعض من في السلطة لإعادة التصويب على الشارع ومطالبه وتصويره كمنفّذ لأجندات خارجية. والثاني داخلي بين المجموعات، ويصبّ لصالح السلطة، لجهة الادّعاء بتمثيل الثورة وقيادتها.

حول خط أحمر
ولعلّ أولى نتائج الاجتماع تمثّلت بإصدار مجموعة “أنا خط أحمر”، التي مثّلها وضاح الصادق في اللقاء مع شينكر، بيان أكدت فيه “التوقف عن الدعوة أو المشاركة في أي تحرك في ساحة الشهداء، إضافة إلى التأني بدعوة شعب مرهق، جريح وجائع إلى النزول والتحرك في الشارع من دون هدف محدد، والعمل على إبعاد كل تحرك مستقبلي هادف عن ساحة الشهداء”. واعتبرت المجموعة أنّ العنف الذي وقع في التظاهرة المركزية بمناسبة مئوية لبنان الكبير “يتحول في ساحة الشهداء إلى عنف فوضوي، لا هدف له، يتخلله اعتداء على الأملاك الخاصة والعامة”.
وهنا علامات استفهام أخرى على هذه المجموعة بالذات. يوم تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، بتشكيل الحكومة في كانون الأول الماضي، كانت المجموعة من بدأ منح الفرصة وقدّمت للرئيس دياب مواد إعلانية وإعلامية، تطلب فيها بسلسلة من الخطوات الواجب اتّخاذها. فكانت من المروّجين للانسحاب من الشارع والهدوء، ونظرية “دعوه يعمل، لنعرف كيف وماذا نعمل”. واليوم، بعد شهر على تفجير 4 آب، وبعد لقاء مع المسؤولين الأميركيين، تخرج المجموعة للتأكيد على انسحابها من الشارع، واستكمال عملها السياسي والمطلبي في الغرف المغلقة، لتدعّي مجدداً تمثيلها للناس ومطالبهم.

قد يكون لا ينقص مجموعات 17 تشرين تهشيماً إضافياً للعلاقات في ما بينهما. فحجم التخبّط، السياسي والتنظيمي والكلامي والشخصي، كبير لحدّ العجز إلى اليوم عن تقديم ورقة إصلاحية واحدة وموحدّة للخروج من الأزمة. وإذا كان موضوع “قيادة الثورة” محسوماً لجهة عدم تحديد أي هيئة أو تسمية أي تفويض في هذا الإطار، فإنّ القراءات السياسية تكاد تصبّ في المسرب نفسه لجهة عدم الثقة بالمنظومة الحاكمة، وعدم التعويل على الحكومة العتيدة لتنفيذ الإصلاحات، والتشديد على مبدأ الانتخابات النيابية المبكرة. وتؤكد مختلف أجواء المجموعات أنها تلقّت ضربة سياسية قوية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والورقة الإصلاحية التي قدّمها للمنظومة كطريق للحل، وتحديداً لجهة تغييب بند الانتخابات المبكرة تماشياً مع رغبة حزب الله. مع تأكيد بعض وجوه هذه المجموعات لـ”المدن” على أنّ “بند الانتخابات كان موجوداً في طرح ماكرون، قبل أن يتم تعديل الورقة”.
حتى 17 تشرين الأول 2020، موعد مرور سنة على انطلاق الثورة، 45 يوماً. قد تكون هذه المهلة وافية لإعادة إصلاح المتعثّر بين المجموعات، أو أنه قد يتمّ الاحتفال بالذكرى السنوية في عتم المنازل أو في ضواحي مدن الأمل في الخارج.

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى