اخر الاخبارمتفرقاتهام

كورونا هاجم أسس النظام الدولي.. العالم لن يعود كما نعرفه

نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن كشف جائحة كورونا العالمية عن الاتجاهات الجيوسياسية القائمة وتسريع وتيرتها من خلال دعم الطموحات الصينية وتراجع القوة الأميركية وتعرية فشل الحوكمة العالمية.


وقالت صحيفة لوموند الفرنسية إنّ تحديد وقت نهاية الأزمة غير ممكن في الوقت الراهن. لكن هذا الوباء يتنشر في العالم منذ زهاء ثلاثة أشهر، ولئن يعدّ الحكم النهائيّ على تشكلات خريطة العالم الجديد، عالم ما بعد كوفد -19، ضربا من التسرع وتسليطا للأحكام المسبقة، إلا أن الوصول إلى هذه المرحلة لا يخفي انكشاف بعض المعالم ويكشف عن تسارع وحشي لاتجاهات القوى العالمية التي كانت ناشطة بالفعل قبل الأزمة.

كيف سيكون العالم بعد “كورونا”؟

“كورونا” نقطة تحوّل.. هكذا سيؤثر على التاريخ

قالت الصحيفة إنّ وصول دونالد ترامب إلى السلطة في عام 2017 ورفع شعار “أميركا أولاً” أشار إلى أنّ الولايات المتحدة ستولي أهمية إلى شؤونها فقط.

وبالفعل، عند تفشي الفيروس في خضم الحملة الرئاسية في تشرين الثاني وما ترتب عنه من كارثة الاقتصادية، أدار الرئيس ترامب ظهره لأوروبا ولم يستجب للأصوات المنادية بالتعاون دولي. فعلى عكس الرئيس أوباما، الذي شارك في مكافحة فيروس إيبولا في عام 2014، قرر ترامب تعليق المساهمة الأميركية لمنظمة الصحة العالمية.

كما أشارت الصحيفة إلى أن الأزمة كشفت انحلال النموذج الاجتماعي والسياسي الأميركي. حيث يوجد 22 مليون عاطلا عن العمل ولا يتمتع جلهم بتأمين صحي، بالإضافة إلى الخلافات داخل البيت الأبيض، ناهيك عن رئيس في صراع مفتوح مع الحكام. في الحقيقة، اهتزت مكانة أميركا وصورتها الدولية بشكل مروع.

توازياً، نوهت الصحيفة باستفادة بكين من الانسحاب الأميركي، إذ لم تكد الصين تسيطر على انتشار الوباء في ووهان حتى شنت هجومًا دبلوماسيا من خلال عملية دعائية واسعة بتوزيع شحنات الأقنعة والمعدات الطبية. لتظهر بذلك سياسة شي جين بينغ لتأكيد طموحات الصين الجيوسياسية في السنوات الأخيرة.

وبالفعل، دعت السفارات الصينية وسائل الإعلام الدولية لانتقاد إدارة الحكومات الأوروبية والترويج لمفهوم “طرق الحرير الصحية” خاصة في ظل غياب المساعدة الأوروبية ودعم والولايات المتحدة خاصة إلى إيطاليا. ولا يتردد الرئيس الأميركي، كلما سنحت له الفرصة في شنّ هجوم مضاد لمهاجمة الصين متهما إياها بالتأخر في إبلاغ العالم بالفيروس.

بالإضافة إلى ذلك، يشكك الزعماء الأوروبيون علنا في صحة الأرقام التي تروج لها الصين حول مدى انتشار الوباء وعن أصل الفيروس، خاصة وأنّ بكين تستغل سياسيا الثغرات والأخطاء المرتكبة في إدارة الأزمة. فهي تقوم بتسليم الأقنعة لأوروبا لكنها تكتمت على المساعدة التي تلقتها من الاتحاد الأوروبي ومرت عليها مرور الكرام.

أوردت الصحيفة أنه لم يكن الاتحاد الأوروبي مستعدا صحيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا لمواجهة أزمة كوفيد-19، ولئن كانت السياسة الصحية مسؤولية كل دولة إلا أن تضامن الدول الأعضاء كان شبه غائب في البداية. فقد أغلقت الحدود داخل منطقة شنغن، واتخذت كلّ من ألمانيا وفرنسا تدابير لحظر تصدير المعدات الطبية وهو ما يعدّ انتهاكا لقواعد السوق الداخلية. من الواضح أن كل حكومة تولي الأولوية لشعبها على حساب الاتحاد الأوروبيّ.

أكدت الصحيفة أنه في الوقت الحالي، وأكثر من أي وقت مضى، تتوجه أصابع الاتهام إلى العولمة بسبب نقص الإمدادات، بيد أن الكثيرين ناهضوا هذا التيار قبل الوباء، إذ أن العولمة حسب رأيهم مسؤولة عن زيادة التفاوتات وتدمير الطبقات المتوسطة في البلدان المتقدمة، ناهيك عن أنّ دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعتمد على الصين لتزويدها بالأقنعة وأجهزة التنفس الصناعي، وترتبط بالصين والهند لإنتاج الأدوية.

في الختام، بيّنت الصحيفة أن الحياة بعد الأزمة ستكون مدعومة بالتحكم الرقمي لضمان أمن الأفراد. فيتركز دور عمالقة الإنترنت وتأثيرهم على الحياة الاقتصادية على غرار الدور الريادي الذي اضطلع به جيف بيزوس، رئيس أمازون ومؤسسة بيل وميليندا غيتس في حماية صحة العالم النامي. وقد حذر بيل غيتس المجتمع الدولي من خطر تفشي جائحة عام 2015. وساهمت مؤسسته بمبلغ 250 مليون دولار للبحث عن لقاح. إن دوام الحال من المحال، فكل شيء يمكن أن يتغير. الشيء الوحيد المؤكد في هذه المرحلة هو أن الفيروس العالمي هاجم بشكل خطير أسس النظام الدولي المهتزة بالفعل الذي ترسب منذ القرن العشرين.

المصدر: عربي 21

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى