اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

طرقات لبنان تتحوّل إلى أفخاخ.. هكذا اتخذ القرار بإطفاء إشارات المرور

لا إشارات مرور ولا كهرباء، إنّها الوصفة المثالية لحوادث السير القاتلة في بلد لا تصلح فيه الطرقات للسير أصلاً. في الشهريْن الماضييْن، توقفت نصف إشارات المرور في بيروت عن العمل، ما أدى إلى ارتفاع عدد حوادث السير المميتة بشكل كبير، إذ تشير آخر إحصاءات غرفة التحكم المروري إلى أنّ 33 شخصاً قضوا بحوادث السير في لبنان في حزيران الفائت، ما يعني ارتفاعاً بنسبة 120% بالمقارنة مع نيسان عندما كانت الإشارات بالخدمة، بحسب تقرير نشرته صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية. 


وفي التفاصيل أنّ توقف الإشارات يعود إلى نزاع بين بلدية بيروت وهيئة إدارة السير والآليات والمركبات (خاضعة لوزارة الداخلية) على خلفية الجهة التي ينبغي لها الحصول على مدخول عدادات الوقوف (بارك ميتر) المقدّر بما يزيد عن 6 مليون دولار سنوياً (10 مليارات ليرة وهو يُخصص لصيانة العدادات وإشارات المرور وغرفة التحكم المروري)؛ حيث كانت الهيئة تعتمد على جزء من المدخول لصيانة الإشارات في العاصمة منذ ما يزيد عن 10 سنوات. ونظراً إلى النزاع بين الأخيرة وبلدية بيروت، التي تعتبر أنّه ينبغي لها الحصول على المدخول، توقفت عملية جمع البدلات في أواخر العام 2019. 


وهكذا لم يعد هناك مال للدفع لشركة Duncan-NEAD المعنية بصيانة الإشارات. وفي 1 أيار الفائت، لم يُجدَّد العقد معها، بحسب ما كتبت “ذا ناشيونال”. وفي هذا الإطار، أوضح مدير الشركة، شفيق سنو، أنّه تم إطفاء نصف إشارات السير في بيروت الكبرى (يُقدّر عددها بالمئات) منذاك بسبب عدم خضوعها لأعمال الصيانة. هذا الواقع أدّى إلى ارتفاع عدد حوادث السير بنسبة 74% والإصابات بنسبة 76% في الفترة الممتدة بين نيسان وحزيران، استناداً إلى “ذا ناشيونال”. 

ويعود تاريخ وضع إشارات السير بالخدمة إلى العام 2008، علماً أنّ قرضاً من البنك الدولي موّل تركيب إشارات المرور في العام 2003 وآنذاك، وقعت بلدية بيروت والهيئة عقد ينص على قيام الأخيرة بدفع تكاليف تشغيل وتطوير وصيانة عدادات الوقوف وإشارات المرور، على أن تودع ما يتبقى من المال في حساب خزينة البلدية. 

وفي العام 2010، رفضت بلدية بيروت تجديد العقد بحجة أنّها لم تتلقَ يوماً مسحقاتها من الهيئة. وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن المهندس في بلدية بيروت، غسان إلياس، تأكيده أنّ الهيئة لم ترد على رسائل البلدية، قائلاً: “لا يمكننا الاستمرار على هذا الحال. لقد خسرنا الملايين”. 

من جانبها، تقول الهيئة إنّ العقد يربط سريان نظام الدفع المذكور أعلاه بعد سداد القرض المخصص لهذه الأعمال: تزيد قيمة القرض عن 100 مليون دولار، وهو يشمل مشاريع كبرى خاصة بالبنى التحتية منها إشارات المرور. وهنا لب المشكلة: تعتقد البلدية أنّ وزارة المالية سدد قرض البنك الدولي أو على الأقل القسم المخصص لإشارات المرور وعدادات الوقوف. من جهتها، تقول الهيئة إنّ القرض قيد التسديد وخاضع لقانون يمنحها سلطة كاملة على إدارة عدادات الوقوف، وتشير إلى عدادات الوقوف لا تعود بمدخول يكفي لإرسال المال إلى البلدية، وفقاً لتقرير “ذا ناشيونال”. 

وتابعت “ذا ناشيونال” بالقول إنّ الخلاف استعر عندما رفعت بلدية بيروت دعوى على الهيئة في آب الفائت، وهو ما أدى إلى توقف الأخيرة عن جمع البلدلات من عدادات بيروت الكبرى البالغ عددها 725. 

وفي تعليق لها على هذه الأزمة، كشفت وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن أنّها سعت إلى حل النزاع في العام 2019، موضحةً أنّه تقرر إطلاق مناقصة للتعاقد مع جهة جديدة لإدارة عدادات الوقوف. وتابعت الحسن قائلةً إنّه تم الاتفاق بعدها على تقسيم إجمالي مدخول العدادات بين الجهتيْن، فتحصل البلدية على نسبة 90% أمّا الهيئة فعلى الـ10% المتبقية. 

ونظراً إلى أنّ هذه العملية توقّفت نتيجة لسجن رئيسة هيئة إدارة السير هدى سلوم، حذّرت الصحيفة من أنّ النزاع لن يُحل قريباً من دون حصول وساطة مناسبة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع عدد حوادث السير المميتة. 

وعليه، نقلت الصحيفة عن مراقب رفض الإفصاح عن هويته قوله: “لا أفهم سبب امتناعهم عن استشارة هيئة التشريع والاستشارات التي تُعنى بحل النزاعات بين الهيئات الحكومية”، معتبراً أنّهم (المعنيون) يختبئون وراء مكاتبهم ويتقاذفون التهم.
 

 

المصدر: ترجمة لبنان 24 – The National

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى