اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

رياض سلامة في وضعٍ “حَرِج”!

عبدالله قمح

عبارةُ رياض سلامة مقابل حسان دياب فَعلت فِعلها ليلَ الخميس، وأبلغ إشارة على ذلك ما حدثَ يوم الجمعة!
اعلان

حينَ نام دُعاة الإطاحة برياض سلامة ليلة الخميس على نشوةِ “قُرب أجَله” في موعدٍ أقصاه ظهر الجمعة، لم يكونوا يدركون أن مَن يحملُ راية الحاكم بقيَ مستيقظاً طول الليل، يُدقّق في مجاري الأمور ويفتحُ خطوطَ إتصالاتٍ بالطول والعرض، لفهمِ ما إذا كانت التسريبات “دقيقة” وأن ثمّة توجّهاً نهار الجمعة يدور بإتجاه الإطاحة بسلامة، أم أن التسريب مجرد “تنفيسة” لا أكثر.
كان التوجّه ليلَ الخميس يميل صوب إقالة رياض سلامة. “القنبلة الإعلامية” التي رُميت كان لها مردود كناية عن اختبار ردود فعل الشارع، وعلى الأرجح أتت النتائج عند حسن ظن من أراد رمي رياض سلامة جانباً. في المقابل، أصابَ التوجّس الفئة التي تقف كـ”حائط دعم” للحاكم. آلمها ما حصل ليلاً وأصابها تسريب خبر الاطاحة بصدمة، وخلال سريان مفاعيل الاتصالات أُرسلت رسالة عبر إستخدام الشارع فحواها: “رياض سلامة مقابل حسان دياب”.
شيءٌ من هذا أصابَ المتابعين بنقزة وإرباك، ذلك أن ثمّة من يريد توسيع الّلعب في الشارع إلى حدود إدخال البلاد في فوضى متنوعة، سياسية – أمنية – مالية، بفعل توجهه لاصابة السوق بـ”طرطوشة” من خلال ترويج مخاطر أكبر عن وضع الليرة بفعل إحتمال “تغييب” سلامة عن المشهد. أمرٌ من هذا القبيل أعادَ الجميع إلى نقطة التفكير في الاحتمالات والمخاطر وردّات فعل الفرقة الداعمة لسلامة طالما أن لديها أوراق.
في هذا الوقت، كان رئيس الحكومة حسان دياب يُعيد استنهاض أفكاره حول الاطاحة بحاكم المصرف وهو الذي لم يعد يطيقه وسط نمو مشاعر لديه حول “تمويل انقلاب” ضده لا يبدو ان سلامة بريء منه، متكئاً على تَوافر نيّة سابقة لدى قصر بعبدا بإحداث التغيير المنشود، لكن التواصل الذي حدث ليل الخميس على المسارَين كشفَ عن تبدّلات دخلت على موقف رئيس الجمهورية، تبدّلات من النوع الطارئ وإعادة برمجة الموقف من سلامة، من توافر نيّة تغييره إلى تَروٍّ في هذه المسألة “لأن الوضع الداخلي لا يحتمل”. بالتوازي، كانت السفارة الاميركية تُعيد ترسيم الخطوط الحمراء حول رياض سلامة.
وهكذا، طارَ الاحتمال من عقل رئاسة الحكومة، ولو أن موضوع إقالة سلامة قد طُرح في جلسة الجمعة على التصويت في ضوء التموضع الحكومي الطارئ لكانت النتائج قد أتت على الحكومة وحوّلتها إلى مستقيلة بأقل تقدير.
حزب الله بدوره تعامل بدهاءٍ واضحٍ مع “حركة الخميس”. جاء طرح إقالة سلامة ليلاً بمردود ايجابي عليه نهاراً، وكل التهديدات التي حصلت ادت الى إبتزاز رياض سلامة بها.والنتائج التي تحقّقت أرضخته إلى مطالب الحكومة وفرضت اشراكه في إنتاج الحل على صعيد الدولار،ليصبح سلامة “مجبوراً” على ضخ الدولارات في السوق، اي الخيار الذي كرر رفضه مراراً وكان يدّعي أنه يتسبب بخسائر فادحة للمصرف المركزي.
بعد “كوكبة” الاتصالات وصل إلى استنتاج مفادَه أن ظروف إخراج رياض سلامة من الحمرا لم تتوفر بعد بدليل غياب الرؤية والبديل عن الحاكم كذلك وجود مخاطر مترتبة عن امر مماثل، بالاضافة إلى بروز “فيتو أميركي” قائم على حماية سلامة، وهو أتى كتعويض عن إخفاق نهار الأربعاء، على سبيل التوازن مع الأرباح والخسائر.
لا بدّ من أطراف “حكومية وسطية” تؤمن مخرجاً لـ”هزة الجمعة الحكومية”، على ان لا يأتي على صورة حكومة حسان دياب وفي نفس المكان بما لا يذيب ماء وجه الحاكم “المبتلي اصلاً”، وكان لرئيس مجلس النواب الذي أدار إتصالات الليل مهمة تظهير الصورة وأخذ الموضوع في صدره.
لذا، أتت القراءة على شكل إمهال سلامة مدة لتحسين ظروف الدولار ضمن إتفاقية تُدخله مفاوضاً رئيسياً إلى طاولة الحكومة متحصناً بجمعية المصارف، فيصبح جزءاً من القرار وهذا له ثمنه… والثمن كان على شكل ضخ “رزم” من العملة الصعبة في السوق قُدرت بـ 30 مليون دولار في اليوم على أن تتم تحت إشراف لجنة مالية شُكّلت برئاسة وزير المال غازي وزني وعضوية حاكم المصرف رياض سلامة.
على هذا نحو، رُفع سلامة الى مرتبة إنتاج الحلول بعد ان كان طرفاً رئيسياً في الازمة، وهذا يحمل تفسيرات واضحة من حيث التدقيق في خلفيات “تهديدات الخميس” التي ما كان لها وظيفة أخرى سوى إرغام سلامة على المشاركة في الحل ودفعه إلى تقديم تنازلات على طاولة مفاوضات أصبح شريكاً مضارباً فيها، او ربما ابقائه في الحاكمية لتحميله وزر السنوات الماضية، وربما لقطع الطريق عليه في وجه طموحات سياسية مستقبلاً.
لكن ذلك لا يعني أن القصة إنتهت. منذ الآن، اعيد التدقيق في السير الذاتية للمرشحين إلى سدة الحاكمية، ومَن لديهم الشهية المفتوحة كُثر. في الوقت نفسه، لم يعد “مقر الحاكمية” على شكل العهود السابقة، فالمجلس الذي جرى تطعيمه بنواب “من الطراز الرفيع” يبدو أن قسماً منهم لا يُحسب على الفئة التي يسهل اغوائها، وعلى الأرجح أن رياض سلامة سيكون أمام “رأي آخر” أسقط عليه في الحاكمية، لذا لن تكون إدارته للوضع الراهن بالسهولة التي كان يجدها من قبل

ليبانون ديبايت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى