اخر الاخبارمقالات وقضايا

“القوات” و”المستقبل”: النميمة أقوى من السياسة

منير الربيع

خلاف بأدراج كثيرة، هو الذي يتفجّر بتجدد بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية. نقطة الفصل الأساسية فيه، فجر الإثنين الذي كان يفترض أن تسمّي فيه كتلة القوات سعد الحريري لرئاسة الحكومة. جاء الجواب من معراب بعدم الموافقة على ذلك. وقع سيف بين الطرفين. وعند كل محطة خلافية، يعود التذكير بالخلافات بمفعول رجعي، من القانون الأرثوذكسي، إلى رفض القوات للسير بخيار سليمان فرنجية. وهي تعتبر أن الحريري ذهب إليه من دون تنسيق أو تشاور. ثم إلى إنتخاب ميشال عون وترشيحه من قبل القوات، وصولاً إلى ما يعتبره الحريري “مناقمة” القوات داخل الحكومة ما بعد تسوية 2016، فيما هي تعتبر أنه أبرم اتفاقاً مع جبران باسيل لاستثنائها وطعنها. ويعود المفعول الرجعي أيضاً إلى ما عملت على تغذيته جهات عديدة حول موقف القوات من استقالة الحريري من المملكة العربية السعودية.

الشرذمة والتقاتل
لا يمكن لروايتي الطرفين أن تلتقيا. مشكلتهما كلما تفاقمت واستعرت، ستسهم في إضعافهما أكثر، سيكون الطرف السنّي بلا حليف مسيحي، طالما أن خلافه كبير مع التيار الوطني الحر، وغير قادر على إبرام تحالف علني مع حزب الله. وستكون القوات بلا حليف مسلم في علاقتها السيئة مع الحريري، وعدم القدرة على إبرام تفاهم ثابت واستراتيجي مع حزب الله. المعادلة تخدم حزب الله أكثر. سيأتي إليه المتقاتلون، ويلتف حوله حلفاؤه أكثر، ومن يدّعون مخاصمته، يتلهون فيما بينهم بحسابات ليس من شأنها إلا تمرير الفرص له وللحكومة التي يرعاها، والمساهة أكثر في شرذمة أي حركة إعتراضية.

لم يكن من مبرر للحريري أن يردّ بالشكل الذي ردّ فيه على سمير جعجع. إلا إذا كان هناك حسابات غير مشهودة، أو إذا كان الأمر ينمّ عن ردّ شخصي وعاطفي بمفعول رجعي على المواقف السابقة. اذ اعتبر جعجع أنه بقرار الإمتناع عن تسمية الحريري قد حماه، لأنه لو كان موجوداً حالياً لتعرض لأزمات أكبر ستسهم في حرقه. رئيس المستقبل يعتبر أنه ليس بحاجة إلى هذا الحرص، وثمة من يقرأ في أن جعجع أظهر نفسه وكأنه الطرف الذي يقرر اختيار رئيس الحكومة السنّي.

حلف رباعي جديد؟
وللمفارقة أن الإشكال يأتي في لحظة تكثر فيها الشائعات عن احتمال سقوط الحكومة والبحث عن مخارج لإيجاد بديل. وجزء من الشائعات يتحدث عن تحالف رباعي يتبلور بشكل غير مباشر بين وليد جنبلاط، نبيه بري، سعد الحريري وحزب الله. لكن مصادر على علاقة بكل الحركة السياسية التي شهدها لبنان في الأيام الماضية، تؤكد أن هذا الأمر غير مطروح على الإطلاق، ومسألة إسقاط الحكومة غير مطروحة، ولا حتى مسألة البحث في عودة الحريري. حتى أن المعلومات تفيد أن الحريري لا يريد العودة ولا يفكر بها في هذه المرحلة التي يواجه فيها لبنان أعقد أزماته. ولكن على خطّ مقابل، هناك من يعتبر أن الخلاف الذي تفجر بين القوات والمستقبل، كان قد بدأ قبل تصريح جعجع لصحيفة الأهرام المصرية بأربع وعشرين ساعة، من خلال اشتباك إلكتروني بين الطرفين.
والمشكل، حسب هؤلاء، يعود إلى أحد الأطراف الذي تربطه علاقة مشتركة بالطرفين، حاول استمزاج رأي جعجع بحال سقطت الحكومة، وكان لا بد من البحث عن بديل، وإذا ما كان مستعداً للسير بالحريري، ليجيب جعجع أن المرحلة تقتضي ألّا يكون الحريري في واجهتها، أولاً ستخسّره، وثانياً لا شيء تغيّر ليتم تسمية الحريري. خصوصاً أنه لم يحصل أي تواصل بين الطرفين ولم يعقد أي اتفاق. وصل الكلام إلى الحريري، الذي لم ينسَ بعد تصرفات جعجع وخصوصاً بالعودة إلى المفعول الرجعي الآنف الذكر.
هناك من يأخذ للمشكلة أبعاداً تتخطى الحسابات المحلية الضيقة، وكأنها جزء من موقف خارجي، وكأن المطلوب إفهام الحريري أن المرحلة لا تقتضي حضوره أو بروزه، لا على الصعيد الدولي ولا على الصعيد الإقليمي، خصوصاً أن المرحلة يصح وصفها بمرحلة “كسر العظم”. ومن يكون موجوداً سيجد نفسه إزاء مطحنة، ليس أمامها ما يوقفها.

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى