اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

الديار: لودريان دون مبادرة

كتبت صحيفة “الديار”تقول:

الجولة الاولى للموفد الفرنسي جان ايف لودريان ولقاؤه مع المسؤولين اللبنانين انتهت امس دون اتضاح الملامح الاولى لهذه الزيارة، الا ان تطورا جديدا برز، وهو ان فرنسا بدلت مقاربتها الرئاسية ولم تعد متمسكة بمرشح معين، فضلا عن توصل لودريان الى خلاصة ان هناك استحالة لاي فريق ان ينتخب مرشحه، وبالتالي يجب الانتقال الى مرحلة جديدة. والنشاط الديبلوماسي الذي قام به لودريان تمحور على حث رؤساء الاحزاب اللبنانية والنواب المستقلين والتغييريين على الحوار وعدم وضع المتاريس بينهم، لان هذا الامر يطيل من مدة الفراغ لانتخاب رئيس للجمهورية. وفي هذا النطاق، اكدت مصادر ديبلوماسية للديار ان الرئيس الفرنسي عبر ايفاده لودريان الى لبنان اراد ايجاد قواسم مشتركة بين طرفي النزاع بشان شخصية واسم الرئيس الذي سيصل الى قصر بعبدا. وعلى هذا الاساس، قال الموفد الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان لقادة الاحزاب والكتل النيابية وبعض الاسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية ان فرنسا لا تسعى الى فرض شخصية رئيس على اي طرف ولا يحمل اسماء محددة. ولفتت المصادر الديبلوماسية الى ان هذا الكلام جاء بعد خلوة عقدها لودريان مع البطريرك الماروني مار بشارة الراعي احيطت بسرية تامة، حيث كرر الاخير الكلام نفسه الذي قاله خلال لقائه الرئيس الفرنسي في قصر الاليزيه انه لا يجب كسر المسيحيين في لبنان. وعليه، وخلال الاجتماعات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين، طرح الموفد الرئاسي الفرنسي ثلاثة اسئلة اساسية عليهم. السؤال الاول هو كيف يمكن الخروج من هذا الانسداد السياسي الرئاسي؟ ثانيا، هل يمكن الخروج من الجمود على الصعيد الرئاسي عن طريق مرشح توافقي؟ واذا كان هذا حلا ممكنا، عندئذ ستعمل باريس على بذل كل الجهود لطرح مرشح توافقي بين المعارضة من جهة والثنائي الشيعي من جهة اخرى. ثالثا، ما هوية المرشح التوافقي الذي يمكن ان توافق عليه القوى السياسية؟

وفي المعلومات التي ذكرتها صحيفة «لوموند» الفرنسية، ان المبعوث الفرنسي لودريان يريد من خلال مهمته انجاح عهد الرئيس ماكرون على الساحة اللبنانية. ولهذه الاسباب تراجع ماكرون عن تسمية مرشح رئاسي محدد، فضلا عن انه لا يريد ان يخسر في موضوع انتخاب رئيس جديد للبنان، على غرار ما حصل معه عندما سعت فرنسا الى تاليف حكومة المهمة مع الرئيس المكلف مصطفى اديب، الا ان هذه المساعي باءت بالفشل. والحال ان الجولة الاولى التي قام بها لودريان الى لبنان والمفاوضات التي اجراها حتى مساء امس، استطاع تكوين فكرة شاملة وخارطة طريق سيعرضها على الرئيس الفرنسي بشكل يؤدي الى انجاح خطة فرنسا هذه المرة. وبدوره سيعرض ماكرون الوضع على الادارة الاميركية بقيادة الرئيس جو بايدن، وكذلك على امير قطر وولي العهد السعودي والرئيس المصري، وهم جميعهم اعضاء في اللجنة الخماسية المعنية بحل الازمة في لبنان.

باختصار، اضحت فرنسا على قناعة ودراية تامة بان انتخاب رئيس للجمهورية مستحيل في لبنان اذا لم يكن المرشح توافقيا. فهل ستسعى فرنسا الى الكلام مع ايران من اجل حلحلة الازمة الرئاسية اللبنانية؟ وهل ياتي الرئيس الفرنسي مجددا الى لبنان ويعقد طاولة حوار على غرار ما فعله ابان انفجار مرفأ بيروت؟

التكتل المسيحي لم يتفاعل ايجابا مع الموفد الرئاسي الفرنسي

من جهة اخرى، كان لافتا تصريح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ان انتخابات الرئاسة تخص 128 نائبا، وانه يجب فتح دورات متتالية حتى انتخاب رئيس. وهذا يعني ان المعارضة مستمرة في ترشيح جهاد ازعور حتى النهاية، وعدم تفاعل التكتل المسيحي الوطني وهو القوات والكتائب وكتلة التجدد التي تضم النواب فؤاد مخزومي واشرف ريفي واديب عبد المسيح بالمبادرة الفرنسية التي تهدف الى ايجاد تسوية، فيما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والوزير السابق وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط ابدوا احترامهم لمبادرة لودريان، واظهروا استعدادهم للتسوية والتخلي عن دعم ازعور اذا وافق في المقابل الثنائي الشيعي على التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية.

العشاء الذي اقامه السفير السعودي: ما الهدف منه؟

بموازاة ذلك، جمع السفير السعودي وليد البخاري وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب والسفراء المعتمدين من الدول العربية ودول العالم، من بينهم السفير الايراني والقائم باعمال السفارة السورية على مأدبة عشاء في فندق فينيسيا تحت شعار الديبلوماسية المستدامة. وتاتي هذه الدعوة في اطار سياسة الانفتاح التي تتبعها السعودية، خاصة اقليميا وتحديدا مع ايران، بعد استئناف العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران واعادة فتح السفارات في البلدين، اضافة الى اعادة ترميم علاقة السعودية مع سوريا ودعوة الرئيس بشار الاسد الى مؤتمر القمة العربية في السعودية في شهر ايار الماضي.

وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة ان السعودية ارادت ان تقول من خلال هذا العشاء انها دولة جامعة وحاضنة للجميع حيث عملت على اعادة خيوط التواصل مع معظم الدول بتفاهمات، فضلا عن ان الرياض تعمل على مواجهة المخاطر والحد منها في المنطقة. واضافت هذه المصادر ان مادبة العشاء تشير، على المستوى اللبناني، الى ان السفير السعودي سيكون له دور ايجابي ومساعد لفرنسا في لبنان في المسار الرئاسي. وتابعت ان ولي العهد محمد بن سلمان كان قد زار باريس منذ اسابيع والتقى الرئيس الفرنسي، وخلال اللقاء فاتح ماكرون الامير السعودي بالملف اللبناني، وكان جواب ابن سلمان ان على السعودية وفرنسا التنسيق معا على الساحة اللبنانية.

اوساط سياسية للديار : باسيل اراد اظهار لحزب الله ان الوطني الحر حاجة له لا يمكن تجاوزه

الى ذلك، رأت اوساط سياسية للديار ان الجرة انكسرت بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حيث ان العلاقة اصبحت سيئة بين الطرفين بعدما شعر حزب الله ان باسيل لم يتصرف كحليف ولم يتفهم موقف المقاومة السياسي وضرورة دعم المرشح سليمان فرنجية. كما لم يتقبل حزب الله ان يتقاطع التيار الوطني الحر مع اخصام «الحزب» ضده، وسار في دعم الوزير السابق جهاد ازعور مرشحا رئاسيا في جلسة 14 حزيران.

ورأت هذه الاوساط استحالة عودة شرايين العلاقة بين «الحزب» والنائب جبران باسيل الى ما كانت عليه سابقا الا في حالة واحدة، وهي انتقال حزب الله من مرحلة فرنجية الى مرحلة اخرى. واضافت ان حزب الله اذا اراد ان يتعاطى بشكل براغماتي مع الامور، فهو بحاجة الى دعم الوطني الحر بما ان باسيل اراد ان يبين للحزب ان الاخير فقد عاملين اساسيين، وهما الغطاء المسيحي وكتلة نيابية تشكل اضافة عددية له. ولذلك ذهب باسيل الى التقاطع مع المعارضة ليبعث برسالة واضحة لحزب الله انه لا يستطيع القيام بخطوات من دونه، والتيار الوطني الحر يشكل حاجة اساسية للحزب، وعليه، يجب على الحزب ان يضمن مصلحة باسيل وليس التغاضي عنها.

القوات اللبنانية: الحوار لا يكون في اختيار وانتخاب رئيس للجمهورية

من جهتها، قالت مصادر القوات اللبنانية للديار ان القوات تنطلق مقاربتها من ان الحوار لا يكون في اختيار وانتخاب رئيس للجمهورية، مشيرة الى ان التمسك بالحوار امر غريب، علما ان تجارب الحوار في لبنان ليست مشجعة لناحية عدم الوصول الى نتيجة بناءة.

وردا على سؤال بان موقف القوات اللبنانية لم يكن ايجابيا من لقاء الموفد الفرنسي جان ايف لودريان ومبادرته، اعتبرت المصادر القواتية ان ميزان القوة الحاسم هو الميزان الداخلي. ولفتت الى انه صحيح ان هذا الداخل لم ينجح في انتخاب رئيس، ولكن لو كان ميزان القوة الداخلي مائلا لمصلحة الثنائي الشيعي، لكان نجح في ايصال مرشحه الرئاسي الى قصر بعبدا، انما التنوع السياسي في البرلمان منع فريق الممانعة من تحقيق هدفها. ونفت ان تكون القوات استهزأت بجولة وزير الخارجية السابق لودريان، والتباين مع الرئاسة الفرنسية في مبادرتها الاولى طويت، كما لا يمكن ان تنكر القوات المساعي الفرنسية التاريخية لمساعدة لبنان من خلال مؤتمرات باريس، فضلا عن وقوفها الى جانب الشعب اللبناني.

الديار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى