اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

“بدّي طيّر طيّارة” في الزرارية… 400 طاروا من الفرح

رمال جوني

غطّت الطائرات الورقية أمس سماء الزرارية، في ظاهرة فريدة من نوعها في لبنان، حيث اعتاد أهلها أن يغطّي سماءهم حريق النفايات والإطارات والتلوث، لم يعتادوا أن يسافروا مع الطائرات الورقية الى الفرح كما حصل، حيث اجتمع 400 شخص لتسيير طائراتهم الورقية نحو السعادة المسروقة في بلد سيّر طائرات الهجرة لشبابه بدلاً من زرع الاستقرار داخله.

«رايح طيّر طيارة، وإلعب فيها بالسما» هي عبارات صاحبت قرابة 400 طفل شاركوا في مهرجان «بدي طيّر طيارة» نظّمته جمعية أسعد فخري الثقافية في الزرارية بالتعاون مع البلدية، نشاط أعاد الكبار الى أيام الطفولة الحلوة حيث كانت الألعاب فيها من صنع الأولاد أنفسهم «طيارة ورق، نقيفة، زحليطة وغيرها الكثير من الألعاب، وقد أصبحت من ذاكرة الزمن الجميل، غير أن نشاط الطائرة الورقية أعطى الأطفال فيزا عبور الى الفرح واللهو في الطبيعة بعيداً من ألعاب الوسائل الإفتراضية التي تدمّر ذكاءهم وفق ما يشير معظم الدراسات العلمية.

هنا في هذه البقعة الجغرافية من بلدة الزرارية، اجتمع الأهل مع أولادهم لتطيير طائرة ورقية، وحدها البسمة كانت رفيقة الجميع، فهي رافقت ذكريات الأهل وتعلّم الأطفال قيمة اللهو في الطبيعة.

هنا لا مكان للسياسة، وحده اللعب كان حاضراً، ووحده الفرح غطّى على أجواء المهرجان الذي يقام للسنة الخامسة على التوالي ويحمل في طياته أبعاداً ثقافية واجتماعية وتراثية في آن، إذ ليس سهلاً أن يجتمع 400 شخص على هدف واحد «طيارة ورق»، وليس سهلاً أيضاً أن يتفق 400 شخص أيضاً على الفرح ولو لساعتين من دون تذمر من ارتفاع أقساط المدارس وبدل النقل والقرطاسية، ولا ارتفاع البنزين ولا أي سلعة أخرى.

رمت فاطمة وأولادها كلّ شيء خارجاً وانشغلت في تطيير الطائرة، كان همّها أن تفرح وتلعب مع أولادها، مرّ زمن طويل لم تلتق العائلة على لعبة مميزة كهذه، فالنشاط كما يصفه الجميع كان بمثابة «فشة خلق»، وتقول عنه فاطمة إنه «برد الروح، يجعلك تنسى هموم الحياة».

الفنان علي سعد ابن بلدة الزرارية كان حاضراً في النشاط واعتبره متنفساً نحو الحياة، بعيداً من سجن الأزمات الذي لا يرحم، وأكد أنه يهرب إليه من بيروت وجدران المنزل الموصدة الى الطبيعة، «فهو يذكرني بالطفولة وكيف كنّا نصنع الورق من مواد بسيطة».

بين الطفولة القديمة وألعابها البسيطة والطفولة «المودرن» وسطوة الألعاب الإلكترونية، وجد الأطفال في الطائرة الورقية أجمل لعبة لعبوها، فقد دفعتهم للركض وسباق طائرة من ترتفع أكثر، وكأنه سباق نحو الأفضل. لا يخفي فادي ابن الـ11 ربيعاً فرحته وهو يرسل طائرته نحو السماء، بدا وكأنه يسافر الى اللاحدود، يؤكد أنها المرة الاولى التي يطيِّر طيارته في الهواء «وهي لعبة غير شكل».

لا تحتاج طائرة الورق الى بنزين ولا حتى بطاريات هي طائرة بسيطة استطاعت أن تطرد الحزن من نفوس المشاركين ولو لبعض الوقت، هذا ما تقوله مديرة المركز زينات أسعد مؤكدة أهمية هذه الأنشطة التي تعيد الثقة للمرء، لافتة الى «أن المركز يحرص على تنظيم أنشطة ثقافية هادفة، وهذا النشاط هو أبرزها»، مؤكدة «أن فرحة الأهالي والأطفال كانت كفيلة بالتأكيد على أهمية هذه الأنشطة البسيطة والمميزة في آن».

في نشاط «بدي طيّر طيارة» كان حديث الأهالي «رزق الله ع ايام زمان»، استعادوا الفرح المفقود وعينهم على انفراج قريب لحياتهم، فهل تتحقق أمنياتهم؟
نداء الوطن

نداء الوطن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى