بريد القراء

عاشوراء وثقافة الإصلاح..بقلم الدكتورة زينب يوسف

إن نهضة الإمام الحسين عليه السلام هي ثقافة حياة ومحبة وإصلاح، ورفض للظلم والحرمان والفساد والفقر والإهمال والاستعباد.
هذه بعض المعاني الحقيقية لقيام الإمام الحسين عليه السلام التي تدعو إلى بناء الإنسان والمجتمع.
(إنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا ظالماً، ولا مفسدا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمد (صلى الله عليه وآله)، أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين)
هكذا عبَّر الإمام الحسين عليه السلام عن هدف نهضته المباركة وخروجه لمواجهة الظالمين والعابثين بحقوق العباد والبلاد، من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فسطّر بذلك أروع صور التضحية والوفاء من أجل دين الله والقيم الإنسانية النبيلة، ليؤكد بفعله هذا -وهو الإمام المعصوم- أن الإصلاح واجب إلى حد التضحية، وأن محاربة الظلم والفساد أمر واجب وضروري إلى حد الاستشهاد، من أجل هذا كله وجب التضحية بالغالي والنفيس وحتى لو أدى الأمر إلى الشهادة -وهي الغاية الأسمى- في سبيل إحقاق الحق وإبطال الباطل.
هذا بعض ما يمكن أن نستفيده من عاشوراء الإمام الحسين سلام الله عليه، والتي تعتبر مدرسة مليئة بالعبر والقيم والمفاهيم، التي لا يمكننا أن نغفل عنها او نتجاهلها، فالإمام الحسين عليه السلام بثورته تجاوز الزمان والمكان.
 ونحن في هذه السنة نستقبل عاشوراء في لبنان في ظل ظروف سياسية وصحية واجتماعية واقتصادية متأزمة، لذلك علينا أن نركز في إحيائنا لهذه الثورة الحسينية على تطبيق السلوكيات التي نادى بها الإمام الحسين عليه السلام، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب استطاعة كل فرد منا.
فنعتبر أنفسنا مسؤولين أمام هذه الأزمات التي يمر بها وطننا، فنبدأ بتحرير أنفسنا من التبعية التي تقود بلادنا إلى الخراب والدمار، ومن ثم المساهمة في إحقاق الحق وإعمار الوطن ومقاومة الفساد والفاسدين، ومواجهة الإعلام المضلل والمزور للحقائق.
نعم، نحن أمام مسؤولية مضاعفة في ظل تراكم الأزمات، فلتكن ثورة الإمام الحسين عليه السلام فرصة لاستنهاض الأمة والمجتمع إلى ما هو أفضل، من خلال التأكيد على ثقافة المواطنة والإنتماء للهوية.
لذا علينا أن نستلهم من هذه الذكرى كل معاني العمل تجاه محاربة الظلم والفساد والاحتلال والاستعمار الذي قضى على طموحات وآمال الشعب.
وليكن إحياء عاشوراء أكثر وعيا ومسؤولية، ولنستلهم من هذه الثورة الحسينية المباركة التي خاطبت الوجدان، فصنعت كل التحولات التي شهدتها القرون اللاحقة، وستظل الثورة الحسينية خالدة لا تموت بسبب سمو ونبل المبادىء والقيم والمثل العليا التي طبقها الإمام الحسين عليه السلام في الميدان، فرسم للأمة نهجا واضحا في التحرر وعدم القبول بالذل والهوان، وسيبقى الإمام الحسين عليه السلام الأسوة والقدوة لكل الأحرار في العالم على مر الزمان.

بقلم الدكتورة زينب يوسف، مسؤولة الأنشطة العامة في البقاع في إدارة التبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى