اخر الاخبار

ماذا يحتاج الرئيس الحريري دستوريآ لتشكيل حكومته؟

بتاريخ ٢٠٢٠/١٠/٢٢ تم تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة بعد ان تمت تسميته من قبل ٦٥ نائبآ في الإستشارات النيابية التي أجراها رئيس الجمهورية، فيما امتنع ٥٣ نائبآ عن التسمية، وغاب نائبان، بالإضافة إلى أن هناك ٨ نواب مستقيلين، وفي حال نجاح الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة فإنها ستكون الحكومة الرابعة التي يترأسها منذ العام ٢٠٠٩.إلاّ أنه حتى اللحظة لم يتمكن الرئيس الحريري من تشكيل الحكومة، وهي فترة ما زالت مقبولة، علما ان الدستور لم يحدد للرئيس المكلف مهلة زمنية لتشكيلة حكومته، فحكومة الرئيس الحريري الأخيرة قبل حكومة الرئيس حسان دياب، إستغرقت عملية تشكيلها (٩) اشهر، فما هي الشروط الدستورية التي لا بد من تحققها لنجاح عملية تأليف الحكومة.قبل الحديث عن الشروط الدستورية لا بد من الإشارة الى أن تطور النظام الدستوري والحياة السياسية في لبنان أفرز ثلاث مراحل متمايزة عن بعضها البعض فيما يتعلق بتشكيل الحكومات في لبنان، المرحلة الأولى قبل الطائف حيث كان رئيس الجمهورية هو الذي يعين الوزراء ويقيلهم ويسمي من بينهم رئيسآ، المرحلة الثانية منذ الطائف وحتى العام ٢٠٠٥ كانت عملية تشكيل الحكومات مسهّلة وميسرة أمام الرئيس المكلف نظرآ لواقع الحياة والتحالفات السياسية الموجودة في تلك الفترة، بينما تعقدت عملية التشكيل خلال الفترة التي تلتها بسبب المستجدات والإنقسامات السياسية التي شهدها لبنان.يحدد الدستور اللبناني إجراءات تشكيل الحكومة التي تبدأ بالاستشارات النيابية التي يجريها رئيس الجمهورية مع الكتل النيابية لتسمية الرئيس المكلف، والأخير بدوره يجري مجددآ إستشارات مع هذه الكتل، ومن ثم يضع تشكيلته الحكومية ويعرضها على رئيس الجمهورية كي يوافق عليها، لأن مرسوم تشكيل الحكومة يحتاج إلى توقيعي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ولاحقآ تحتاج هذه الحكومة كي تباشر كامل صلاحياتها إلى حصولها على الثقة في المجلس النيابي.يتضح من خلال ذلك أنه يوجد شرطان أساسيان لنجاح عملية تشكيل الحكومة وهما: موافقة رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية التي سوف يضعها الرئيس المكلف(سعد الحريري)، وكذلك موافقة أكثرية الكتل النيابية عليها كي تمنحها لاحقآ الثقة.فيما يتعلق بموافقة رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية، فإنها من الشروط الدستورية الجوهرية التي وردت في المادة (٥٣) من الدستور التي نصت في الفقرة الرابعة منها على أن (رئيس الجمهورية يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة)، وهذا يعني ضرورة وجود التوافق المشترك بين الرئيسين على التشكيلة الحكومية، وفي حال عدم موافقة رئيس الجمهورية فإنه يتوجب على الرئيس المكلف الإستمرار والمحاولة بوضع تشكيلة حكومية تحظى بالنهاية بموافقة رئيس الجمهورية، وإلا لا يوقع على مرسوم تشكيل حكومته.مما يجعل الرئيس المكلف أمام خيارين لا ثالث لهما: وضع تشكيلة حكومية تحظى بموافقة رئيس الجمهورية لنجاح عملية التأليف، أو الإعتذار عن الإستمرار بعملية التأليف، وهذا أمر قد حصل في مرات عديدة آخرها إعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب. أما فيما يختص بموافقة أكثرية الكتل النيابية على التشكيلة الحكومية فهذا الشرط لم يتم النص عليه بشكل مباشر وصريح في الدستور، وإنما يمكن استنتاجه من المادة (٦٤) من الدستور التي نصت في فقرتها الثانية على أنه (على الحكومة ان تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ٣٠ يومآ من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها)، وهذا يعني أنه كي تنجح عملية التأليف يفترض بالرئيس المكلف أن يأخذ بعين الإعتبار آراء أكثرية الكتل النيابية وموافقتها على التشكيلة الحكومية كي يضمن أصواتها أثناء جلسة الثقة، وإلا إذا لم تكن هذه الأكثرية موافقة على ذلك فلن تمنحها الثقة وتعتبر الحكومة التي شكلها الرئيس المكلف عندئذ حكومة مستقيلة، ماذا يعني هذا الأمر؟هنا المفارقة الهامة، بين عدم موافقة رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية، وبين عدم إعطاء الثقة لحكومة شكلها الرئيس المكلف، في الحالة الأولى يبقى الرئيس المكلف رئيسآ مكلفآ، ويستمر بعملية التأليف، بينما في الحالة الثانية يفقد الرئيس المكلف صفته كرئيس مكلف، لأنه عندما تعتبر الحكومة مستقيلة، فإنه يتوجب إعادة البدء من جديد بإجراءات تشكيل الحكومة، أي منذ خطوة الإستشارات النيابية التي يمكن أن ينتج عنها رئيس مكلف آخر، ولذلك وفقآ لأحكام الدستور لا يمكن لأي رئيس مكلف أن ينجح بعملية تشكيل حكومته وحصولها لاحقآ على ثقة الأكثرية النيابية لمباشرة مهامها، إذا لم تحظَ التشكيلة الحكومية بموافقة إرادتي رئيس الجمهورية والأكثرية النيابية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى