اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

«الأخبار»: 2011 و2019 مثّلتا ذروة الإنفاق | «فورد» شريكة CIA: رصد 63 مليون دولار للبنان!

علي مراد
على خطى «مؤسسات المجتمع المنفتح» التابعة للملياردير جورج سوروس، تُعتَبَر «مؤسسة فورد» من الأذرع الأميركية الخاصة الفاعلة، فهي رائدة في مجال تمويل برامج الهيمنة الثقافية، ووجودها تاريخياً يسبق مؤسسات سوروس بعقود، وهي تتصدّر جهود المقاولة لدى دولة الأمن القومي الأميركية (وذلك موّثق تاريخياً وبحثياً)، ضمن برامج التلاعب بثقافات شعوب الدول المناوئة للمشروع الإمبريالي الغربي بزعامة الأميركيين. في لبنان، تُظهِر بيانات التمويل الخاصة بـ «فورد» أنّه ليس هناك فرق كبير بين اهتماماتها واهتمامات مؤسسات «المجتمع المنفتح»، بل تكاد أجندتا المؤسّستَين تتطابقان وتتكاملان


كما مؤسسات جورج سوروس، تقسّم مؤسسة فورد العالم جغرافياً إلى 11 منطقة تمويل هي: منطقة الأنديز، البرازيل، المكسيك وأميركا الوسطى، الصين، الهند ونيبال وسريلانكا، إندونيسيا، غرب أفريقيا، شرق أفريقيا، الجنوب الأفريقي، الولايات المتحدة، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يوضح الموقع الإلكتروني لـ «مؤسسة فورد» أنّها صرفت في هذه المناطق، في السنوات الـ 15 الماضية، نحو 9 مليارات دولار معظمها في آسيا وأفريقيا. وكانت الصين والهند وروسيا وإندونيسيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا ومصر أبرز الدول التي استهدفتها برامج التمويل. وتتمظهر أهداف الهيمنة الثقافية للمشروع الرأسمالي الغربي في توجّهات المؤسسة عندما يتبيّن أنّها تصرف النزر اليسير في دول الاتحاد الأوروبي (حوالى 5 ملايين دولار فقط بين عامَي 2006 و2021).
تدّعي «مؤسسة فورد»، على موقعها الإلكتروني، أنّها صرفت نحو 236 مليون دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامَي 2006 و2021، دُفع ثلثاها بعد بدء ما يُسمّى «الربيع العربي» عام 2011. وتصدّرت مصر الدول العربية التي ضخّت فيها المؤسسة أموالاً في السنوات الـ 15 الماضية (80.5 مليون دولار)، فيما بلغت «حصة» لبنان 14.6 مليون دولار فقط بين عامَي 2006 و2020. إلا أن بحثاً أجرته «الأخبار» بيّن أنّ المؤسسة ضخّت في لبنان حوالى 63.7 مليون دولار بين عامَي 2001 و2020. هذا الاختلاف في الأرقام يظهر بوضوح لدى الاطّلاع على بيانات التقارير المالية السنوية التي سلّمتها المؤسسة إلى «خدمة الإيرادات الداخلية – IRS» (مصلحة الضرائب التابعة لوزارة الخزانة الأميركية)، ومقارنتها بالأرقام المنشورة على الموقع الإلكتروني. لا يقتصر الاختلاف في الأرقام على ما تصرّح عنه «فورد» للخزانة الأميركية وما تنشره على موقعها، بل ينسحب على كثير من المنظّمات الحكومية التي تتلقّى تمويلاً من المؤسسة. تنشر بعض المنظمات في تقاريرها السنوية أرقاماً تختلف في كثير من الأحيان عن أرقام مصلحة الضرائب والموقع الإلكتروني لـ «فورد».


لم تسلّم «مؤسسة فورد» إلى وزارة الخارجية، بعد، كشوفاتها للسنة المالية 2020. لكنّ موقعها الإلكتروني يشير إلى أنها أنفقت 8,199,000 دولار لمصلحة منظّمات مجتمع مدني لبنانية، من أجل تنفيذ برامج غالبيتها ذات طابع ثقافي واجتماعي وحقوقي. ووفق بيانات عام 2019 التي صرّحت عنها المؤسسة للخزانة، صرفت «فورد» 4,645,000 دولار في لبنان، فيما سجّل عام 2018 تمويلاً بحوالى 8,820,000 دولار، وهو الأعلى في تاريخ تمويل المؤسسة لبنانياً.
وبحسب جداول التمويل والمنح، يتّضح أن المؤسسة مهتمّة بشكل ملحوظ بتمويل برامج خاصة باللاجئين في لبنان، إذ يُلاحظ أنّ الذروة الأولى التي قفز فيها التمويل في لبنان كانت عام 2011، ثم في عام 2014، وغالبية البرامج المموّلة في هذين العامَين وما بينهما كانت تخصَّص للاجئين. عام 2018 شهد القفزة الكُبرى في تمويل فورد لبنانياً، والملاحَظ هنا أنّ البرامج المموَّلة ركّزت على الأبعاد الثقافية والاجتماعية والحقوقية، دون السياسية. الذروة الأخيرة بدأت منذ أواخر 2019، وتظهِر بيانات تمويل عام 2020 أنّ المؤسسة كثّفت من برامج الإعانة الاقتصادية والاجتماعية، بالتوازي مع استمرار تمويل البرامج الثقافية والفنية والحقوقية.
وبما أنّ ما يقارب نصف ما أنفقته «فورد» في لبنان بين عامَي 2001 و2020 ذهب إلى قطاعَي الثقافة والتعليم، ينبغي أن يكون معلوماً بأنّ الأجندة الخاصة بالمؤسسة (كما أجندة سوروس ومؤسساته) ليست مخبّأة وهي واضحة المعالم والأهداف. يقول عالم الاجتماع الأميركي جيمس بيتراس عن «مؤسسة فورد» والـ CIA: «علاقتهما ببعضهما البعض تمثّل جهداً مشتركاً مدروساً وواعياً لتقوية الهيمنة الثقافية الإمبريالية الأميركية».
الأخبار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى