اخر الاخباربريد القراء

المستشفى التركي…. مسار وانسدادات

بقلم: المحامي حسن شمس الدين

قيل الكثير عن بقاء المستشفى التركي للحروق في صيدا موصد الأبواب .. وقيل الكثير عن المشكلة وحجمها وقلة من تنبه لحقيقتها وعمقها .. 

المستغرب هو إصرار البعض على اعتماد طريقة الأحكام المسبقة عن بعد في مقاربة الملفات ذات الصلة بالشأن العام مما يظهر القليل من الإلمام والمعرفة، حتى أنهم وإن قاربوا الواقع والمشكلة فإنهم يتجاهلونها ويغردون خارج أسبابها الحقيقية 

عندما يصطدم الموقف المبدئي بقساوة الواقع، يصبح الخيار الوحيد مغادرة النمطية المعتادة نحو الاجتهاد وتطويع القوالب، إن القول بأن ما أعاق انطلاق العمل في المستشفى التركي صرحاً تخصصياُ جامعياً هو خلافات في الداخل الصيداوي هو أمر لا يمت للحقيقة بصلة ولا يلامس حتى قشورها .. 

ستة وزراء صحة تعاقبوا طيلة عشر سنوات وثلاث لجان ادارية توالت على إدارة المستشفى .. أموال حجبت .. مبان وأقسام يملأها الفراغ وأروقة يلفها الصمت بعد سنوات من المراوحة والجمود على خط المعالجات وابتداع الحلول.

تراكم الكثير طيلة سنوات وسنوات .. تواريخ وأرقام وقرارات وجهود واقتراحات … وبقيت الأسباب الحقيقية بحاجة للتظهير وللتطابق مع الواقع..  لنضع الأمور في نصابها .. توخياً لعدم الإنجراف نحو مجافاة الحقائق ..

*************************

زميلة اعتدت أن ألتقي بها بين الحين والآخر للوقوف على قراءاتها لآخر مستجدات الشأن العام في مدينتنا باعتبار أني من المعجبين بعقلها وقدرتها على الإلتزام بمنهجية صارمة ومبدئية تصل لحد العناد كما بحرصها وحرفيتها العالية في دراسة الملفات والتعمق بالحيثيات واحترامها الشديد للسياق والتسلسل الزمني دون إهمال لأي تفصيل مهما صغر.

في اللقاء الأخير بيننا وبدون مقدمات استعرضت ما واجهته في العديد من اللقاءات الحوارية التي دعيت إليها حول ما يسمى بالمعوقات أمام انطلاق العمل في المستشفى التركي (باعتبارها في موقع المعني) لتبدي غضباً واستغراباً شديدين من إصرار البعض على تناول هذا الملف بطريقة الأحكام المسبقة المبنية على معلومات هي بأحسن الأحوال مجتزأة بحيث يظهر وبشكل صادم لها الكثير من الحرص والحماس والقليل من الإلمام والمعرفة بحقيقة الأمور وما يستتبع ذلك من تشخيصات هي أقرب للتقديرات.

بعد هذا الحوار تكثفت في الإعلام المواقف والتصاريح والمطالب والمناشدات والتعليقات ذات الصلة بموضوع المستشفى التركي ليتبين بأن ما خلصت إليه “زميلتنا” هو القاسم المشترك الوحيد لدى المشاركين في هذا الدفق الإعلامي (ما عدا ندرة منهم) حتى أن بعضهم قفز بعيداً باستنتاجاته وأطلق أحكامه بما يخدم أولوياته أين منها الإنسدادات الحقيقية بوجه انطلاق عمل المستشفى!!

بداية ومن موقع الإحترام لمبدأ الدقة نرى من الضروري التذكير ببعض الوقائع الأساسية التي من شأنها أن تساعد في تظهير وتوضيح “الصورة المتكاملة” لمسار الأمور وهي وفقاً للتالي:

لقد توافق حدث حفل تدشين المستشفى وبدايات مشوار رئيس بلدية صيدا المهندس محمد زهير السعودي في قيادة العمل البلدي وهو الإنسان القادم من عالم المشاريع وإدارتها والعارف حق المعرفة بأهمية أن يحقق مثل هكذا إنجاز في مدينة صيدا، فانطلق بسعيه ومنذ اليوم التالي لإفتتاح المستشفى بمؤازرة كاملة من نائبي المدينة لتحديد الخطوات الواجب إتمامها في المسارات المتعددة وفي المقدمة منها تأمين التطابق مع غايات المشروع ليكون المستشفى المنشود متخصصاً بمعالجة إصابات الحروب ويكون مرتبطاً بمستشفى جامعي، خاصة وأن الأساس في اختيار الموقع في جنوب لبنان قد جاء إثر أحداث حرب تموز بوجه العدو الإسرائيلي عام 2006 وما أسفر عنها من أعداد كبيرة من الإعاقات الجسدية وأيضاً من أجل إتمام تصور شامل لتسلسل الخطوات والإجراءات وتحديد الأولويات لجهة الإحتياجات والمستلزمات والتواصل مع الجهات والمراجع المعنية وبالتنسيق الكامل مع وزراة الصحة العامة.

لقد انجز هذا المستشفى ببنائه وتجهيزاته على أرفع مستوى إلا أنه كان بحاجة إلى تمويل مرحلي عند البدء بتشغيله وضمان استمرار هذا التمويل ضمن معايير الأداء المناسب لمستشفى بهذا الحجم ولا سيما من أجل تحقيق الهدف في أن يصبح نموذجاً يحتذى في نوعية إدارته وكذلك في نوعية الخدمات التي يقدمها.

كان من الضروري التعاون والعمل لإتمام كل المرتكزات والخطوات لتسليم إدارة هذا المستشفى الهام بموقعه وبنائه وتجهيزاته إلى مؤسسة جامعية بمستوى الجامعة الأميركية بما يرتقي بمستوى إدارته وخدماته الإستشفائية إلى المستوى المأمول، ولا سيما أن هذا المستشفى (وبحسب تخصصه)هو الأول من نوعه في لبنان والثاني في محيطه العربي لمعالجة الحروق والصدمات الأمر الذي ضاعف من ضرورة أن يكون الإنطلاق بتشغيله منسجماً مع الغايات المنشودة بشأنه.

خلال سنوات من الإنتظار كان يرد بالتواتر الكثير من الكلام والتنبيهات والتأكيدات أو الإيحاءات أن وراء إخفاء أو إهمال طلب بلدية صيدا في ضم المستشفى إلى ملاك وزارة الصحة العامة وإنشاء مؤسسة عامة لإدارته قراراً ما متخذاً لوضع اليد على المستشفى أو لوجود مخطط ما للإستئثار بإدارته وبعملية التوظيف به لمصلحة جهات بعينها من خارج أبناء مدينة صيدا، وصولاً لربط الأمر بالمخطط لتعطيل مفاعيل مؤتمر باريس “3” أو أن الهدف إخراج الدولة المانحة للهبة من المشهد.

لقد بقي ما يرد ويشاع كلاماً بكلام ولم تتوفر أية أدلة عليه ولم يفاتح أي مرجع في المدينة مباشرة بأي من تلك التأويلات.

لكن بقي الثابت لدينا أنه لا مصلحة للبنان ولا لمدينة صيدا أو لمنطقة الجنوب وجبل لبنان الجنوبي وحتى بيروت، وهي المناطق المستفيدة جغرافياً من خدمات هذا المستشفى (المتخصص والتخصصي)، أن يظل مقفلاً. هذا فضلاً عن أن هذا الإقفال ليس فيه اعتراف بالفضل لمن قدم هذه الهبة إلى هذه المنطقة ووجوب إيلاء شأن هذا المستشفى لمن يكون ملتزماً بفكرة الإنشاء والغايات ويكون قادراً ويستطيع أن يتولى الإشراف على تقديم الخدمات الطبية على المستوى المطلوب من طرف جامعي متخصص وبالشكل الذي يحقق الأهداف التي توخاها الواهب ويتوقعها سكان المناطق المستفيدة من خدماته.

من النوايا الى التدشين ..

–          وفقاً لإعلانات النوايا في مؤتمر باريس 3 قررت الحكومة التركية تقديم هبة بقيمة /20/مليون د.أ على أن تخصص لإنشاء مستشفى متخصص بمعالجة إصابات الحروق يكون مرتبطاً بمستشفى جامعي الأمر الذي حدد في قرار مجلس الوزراء رقم 26 تاريخ 27/10/2007 وحيث تضمن وبعد الموافقة على قبول الهبة بأن تكون المستشفى في مدينة صيدا.

–          المجلس البلدي لمدينة صيدا وفي جلسته المنعقدة بتاريخ 23/9/2008 وافق على تخصيص العقار رقم /1667/ في منطقة الوسطاني (14210م²) ليشاد عليه مستشفى متخصص مقدم من قبل الدولة التركية.

–          بتاريخ 7/2/2009 أبرمت الإتفاقية بين حكومة الجمهورية التركية والجمهورية اللبنانية لهدف إنشاء مستشفى معالجة الصدمات وتأهيل المعوقين بسبب تلك الصدمات في مدينة صيدا وتم نشر الإتفاقية المذكورة في الجريدة الرسمية في عددها الصادر بتاريخ 19/2/2009 رقم /9.

–          بتاريخ 6/5/2009 جرى وضع حجر الأساس للمشروع بحضور نائب رئيس الحكومة التركي ودولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني.

–          خلال شهر آب 2009 بدأ العمل فعلياً بالمشروع بعد أن وقع وزير الصحة العامة اللبناني على الخرائط التي أعدت.

–          بتاريخ 3/9/2009 كلف المهندس عبد الواحد شهاب القيام بمهام إعداد ملف رخصة البناء الذي أنجز بتاريخ 24/6/2010 بعد موافقة الإدارات المختصة.

–          بتاريخ 25/11/2010 جرى حفل تدشين المستشفى بحضور دولة رئيس الحكومة التركي السيد رجب الطيب أردوغان ودولة رئيس الحكومة اللبناني السيد سعد الحريري وأعلن عن إتمام تجهيزه بالكامل على الأرض الواقعة ملكيتها على اسم بلدية صيدا.

الدخول في النفق

منذ اليوم الأول وعلى ضوء التجارب، كانت الصورة واضحة بشأن المستشفيات التي تتولى وزارة الصحة اللبنانية إدارتها، وكان من الواضح أيضاً أن هناك حاجة ماسة وفرصة لتطوير وتقديم نموذج جديد لإدارة المستشفيات التابعة للدولة اللبنانية بحيث يمكن تطوير آلية ما تستوعب فكرة التعاون مع مؤسسات جامعية متخصصة لتأمين إدارات متميزة وتنافسيه لبعض مستشفيات وزارة الصحة اللبنانية أو أي من المؤسسات التابعة للدولة (البلديات). ونظراً لأن الهدف للوصول لتشغيل هذا المستشفى كان ومنذ البداية العمل على الإستعانة بمؤسسة جامعية لإدارته وذلك لأنه أريد له ومن البداية أن يكون مؤسسة إستشفائية متخصصة متميزة، بمعايير التطور والحداثة مما ضاعف الضرورة والإلحاح وجعل من المفيد والحتمي لتحقيق هذا الأمر وجوب الإستعانة بمؤسسة جامعية لإدارة هذا المستشفى.

إن تحديد الفرقاء المعنيين بإنتاج الإطار القانوني والعملي المرتجى لتشغيل هذا المستشفى التخصصي قد فرض نفسه بحكم الواقع والمنطق بخمسة فرقاء هم:

1-       بلدية صيدا صاحبة العقار الذي يقوم عليه المستشفى.

2-     وزارة الصحة العامة المشرفة على جميع المستشفيات التابعة للحكومة اللبنانية والمسؤولة بطريقة أو بأخرى عن كل ما يختص بالقطاع الصحي في لبنان.

3-       الدولة التركية الممثلة بالوكالة التركية للتعاون الدولي للتنمية مقدمة الهبة.

4-     مجلس الإنماء والإعمار الذي قام بالنيابة عن الدولة اللبنانية وعن بلدية صيدا بالتوقيع مع الجانب التركي وتابع عملية البناء ولاحقاً عملية التجهيز.

5-       مستشفى الجامعة الأميركية التي كان يؤمل أن تتولى الإدارة والإشراف.

لاحقاً تم تلخيص هذا الجهد والمسعى في الكتاب الذي وجهته بلدية صيدا بتاريخ 21/12/2011 إلى دولة الرئيس نجيب ميقاتي لتؤكد أن المستشفى موضوع الهبة قد أنجز وأصبح باستلامها ولتعلمه بالتالي:

1-     قيام البلدية بالطلب من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت للتقدم بعرض لإدارة المستشفى وتشغيله (تماشياً مع شروط الهبة) ليصار إلى إبرامه فور الإتفاق على بنوده وشروطه.

2-     إن البلدية بصدد إنجاز الصيغة الملائمة لتأمين أفضل إشراف على إدارة وتشغيل المستشفى وفقاً لأعلى المعايير ومن خلال إشراك المجتمع المدني بكافة قطاعاته.

3-     إن البلدية أيضاً بصدد إنجاز الآلية التمويلية الضرورية لتغطية تكلفة أي عجز قد تستوجبه مرحلة انطلاقة المشروع من خلال المساهمات التبرعية وبما لا يثقل كاهل الدولة أو أي من مؤسساتها بأي أعباء إضافية.

4-     طلب مؤازرة وزارة الصحة العامة للمشروع وتأمين الدعم الضروري له أسوة بباقي المستشفيات وفقاً للآليات المتبعة.

في الفصل الأخير من العام 2011 طلبت بلدية صيدا من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت التقدم بعرض لإدارة المستشفى وتشغيله (تماشياً مع شروط الهبة) ليصار إلى إبرام الإتفاق وفق بنوده وشروطه وأرسلت هذه الأخيرة فريقاً فنياً أجرى مسحاً تفصيلياً لواقع المستشفى من ناحية القدرة الإستيعابية والتجهيزات والمستلزمات الفورية المطلوبة لإنطلاق العمل ومراحله، هذا بالإضافة إلى إتمام دراسة جدوى إقتصادية تحدد الإحتياجات المالية في السنوات الخمس الأولى من انطلاقة العمل… ألخ، ولتكتمل الصورة ولنكتشف حجم المعوقات والتعقيدات البيورقراطية والقانونية والإجرائية. ولأن القوانين الصحية المرعية الإجراء في لبنان تعنى فقط بتصنيف المستشفيات وأحجامها وفقاً لعدد الأسرة، ليحدد على أساس ذلك عدد أعضاء مجالس إدارتها، كما لنكتشف أن الإحتكام لقوانين ترعى موضوع مستشفى تخصصي بالتعاون مع صرح جامعي ليس بالمتوفر على الإطلاق ويحتاج إلى إجراءات معقدة معززة ببعض التعديلات القانونية أو بعدد من المراسيم غير المعهودة ومن خارج ما هو معتمد ومألوف.

وكان واضحاً أن الرغبة في تقديم نموذج جديد لإدارة المستشفيات التابعة للدولة اللبنانية وليكون مؤسسة استشفائية متخصصة ومتميزة وإجازة التعاون مع مؤسسات جامعية تستطيع تحقيق المستوى المأمول في الإدارة والخدمات الإستشفائية وإيلاء شأنه لصاحب العقار وإشراك المجتمع المدني بقطاعاته المختلفة، دونه جدار صلب من المعوقات والتعقيدات والصعوبات وجمود في الذهنيات، وأن المرور بملاك وزارة الصحة العامة وإنشاء مؤسسة عامة لإدارته هو ممر إلزامي ليحظى المستشفى بالموافقات اللازمة لجهة السقوف المالية وفيما خص تقديم الخدمات الطبية للمواطنين على حساب وزراة الصحة اللبنانية، ولنكتشف أيضاً أننا نتعامل مع سلطة وصاية هي في كثير من الأحيان صامتة لا تحرك ساكناً باردة كلوح الثلج البعيدة كل البعد عما لدينا من هاجس وحماسة وتطلع.

وليتبين لنا أن عمل المستشفى بطابعه التخصصي لا يمكن أن يكون رابحاً وسيراكم في السنوات الخمس الأولى من انطلاق العمل مبلغاً قدر في ذلك الوقت بمبلغ 14 مليون دولار أميركي، وأن هناك حاجة لتأمين المبالغ اللازمة للتشغيل في الفترة الأولى من عمل المستشفى (Working Capital)، والتي بحسب الدراسة التي أعدها مستشفى الجامعة الأميركية ينبغي أن تكون كحد أدنى بحدود 12 مليون دولار أميركي على مدى السنوات الثلاث الأولى من عمل المستشفى،وحيث من الصعوبة بمكان أن تبادر الدولة اللبنانية بإمكانياتها لتأمين مثل هكذا مبالغ أو احتياجات.

كانت الفكرة التي عملت البلدية عليها في ذلك الحين لتأمين المبالغ المطلوبة من عدة مصادر (من أهالي المدينة ومن أفراد ومؤسسات لبنانية وعربية)من ضمن تصور متكامل جرى العمل عليه ليكون نموذجياً في العلاقة مع المجتمع المدني، علماً أنه من الطبيعي أن يكون هناك مداخيل معقولة ينبغي أن يؤمنها المستشفى من عمله والتي ستساعد في تغطية الجزء الأكبر من نفقاته وحاجاته خاصة وأن الدراسة المذكورة كانت قد أكدت توصيتها بحتمية إنشاء مبنىً جديد يضم بحدود مئة غرفة واستحداث عدد من الأقسام إلى جانب القسم التخصصي الأساس والمتعلق بالحروق والصدمات،لأن من شأن كل ذلك أن يقلص تدريجياً من العجز المالي المتوقع لمرحلة التوازن بين المداخيل والنفقات.

وكما تبين من كل المعطيات أن الممر الإلزامي للتقدم باتجاه أية خطوة أو مبادرة أو مساهمة من الدولة اللبنانية هو من خلال الحصول على التراخيص الإلزامية بضم المستشفى الى ملاك وزارة الصحة العامة وإنشاء مؤسسة عامة لإدارته مما دفع بلدية صيدا للتقدم بطلبها بهذا الشأن للوزارة بتاريخ 15/3/2012 الأمر الذي ورغم المتابعات والمناشدات الحثيثة لم يصدر المرسوم رقم 1647في الجريدة الرسمية والقاضي بإضافة المستشفى إلى ملاك وزارة الصحة وإنشاء مؤسسة عامة لإدارته إلا لغاية تاريخ 2/4/2015 أي بعد مضي خمس سنوات تقريباً على حفل الإفتتاح والتدشين.

وسبق ذلك أنه في النصف الأول من العام 2014 وعند قيام دولة الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري والأستاذ محمد السعودي بجهود واتصالات مكثفة أنتجت عدة إجتماعات مع وزير الصحة وائل أبو فاعور وفريق الوزراة (د.عمار،رومانوس، د.عربيد) للتداول والبحث بكل الصيغ والإحتمالات للتسريع في انطلاقة عمل المستشفى،تبين الأمر بشكل جلي وظهرت “القطبة المخفية” أو “المكمن الحقيقي للمشكلة” والمتمثل بإختلاف كبير بالنظرة إلى طبيعة ما نحن بصدده وفي الرؤية العامة للمشروع وبالقيود الإدارية والقانونية، والتي في حال اعتمادها والإستسلام لسياقها ستؤدي حكماً عن قصد أو غير قصد إلى إلغاء أي دور لبلدية صيدا ومن ثم إسقاط “شرط الواهب” المحدد بقرار مجلس الوزراء رقم 26/2007 “بقبول الهبة” ليكون المستشفى تخصصياً جامعياًوقد نصل بالسياق ذاته،وبسبب ضيق الهوامش للتفلت من القوالب الجامدة، إلى النتيجة البائسة بأن يقزم الإنجاز وينحصر بمستشفى عادي كغيره من المستشفيات الحكومية العادية والمتعثرة أو الفاشلة ويضاف إلى تعدادها بدون أي تميز نوعي يلامس الآمال والغايات المنشودة.

وما زاد المخاوف من مضي الأمور بالإتجاه المرفوض، قيام وزارة الصحة العامة بتاريخ 19 آذار 2014 بإصدار كتاب موجه إلى بلدية صيدا لتطلب منها التنازل، وفقاً للأصول عن ملكية العقار الذي تم تشييد المستشفى عليه لمصلحة الدولة اللبنانية ليصار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لإتمام ذلك. مما يعني أن البت بطلب إضافة المستشفى إلى ملاك وزارة الصحة العامة وإنشاء مؤسسة عامة لإدارته كان قائماً على شرط إتمام التنازل عن العقار.

وكنا لأول مرة نطلع على التسمية المعتمدة من الوزارة “مستشفى الطوارئ” دون أي ذكر لمصطلح تخصصي– جامعي- تركي وهي أمور وإن كانت شكلية ولا تغير من حقيقة الأمر بشيء إلا أنها ترفع من منسوب التنبه لدينا.

                                                                                                      يتبـــــع…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى