اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

واشنطن تغطّي مبادرة ماكرون؟

المبادرة الفرنسية «سالكة» داخلياً. لكن يبقى معيار نجاحها، من وجهة نظر القوى التي سمّت مصطفى اديب لترؤس الحكومة، هو في الموقف العملي للولايات المتحدة الأميركية. الإشارة «الإيجابية» هي إعلان وزير الخارجية الأميركي عن تشارك الأهداف نفسها مع فرنسا حول لبنان، ولكن تبقى العبرة في التنفيذ: فهل ستسمح واشنطن بوصول الأموال إلى لبنان؟
 
 
أمّا وقد غادر رئيس فرنسا، إيمانويل ماكرون لبنان، بعد أن وزّع البيان الوزاري الفرنسي للحكومة اللبنانية الجديدة، وأعطى إرشاداته للطبقة الحاكمة، بات الشغل الرئيسي ينصبّ على مراقبة المواقف الأميركية. فمهما بلغت جدّية المبادرة الفرنسية – الأوروبية، والغطاء الممنوح لحكومة مصطفى أديب في تنفيذ «الإصلاحات» المطلوبة منها، لا يُمكن التغاضي عن أنّ «زر التفجير» موجود بين يدَي الجانب الأميركي.
 
 
الأخير قادر على نَسف ما ما قام به ماكرون. الاختبار سيكون بالمواقف العملية. هل سيُعرقل المسؤولون الأميركيون الخطوات العملية الفرنسية؟ على سبيل المِثال لا الحصر، بعد تأليف مجلس الوزراء، سيعود لبنان إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي. المؤسّسة التي تضمّ 189 عضواً فيها، تُهيمن عليها واشنطن وحلفاؤها. ولأنّ من غير الممكن التصرّف وكأنّ قروض الصندوق مُنفصلة عن العلاقات والشروط السياسية، يجوز عندها السؤال إن كانت الولايات المتحدة ستسمح بأن يحصل لبنان على قروض من صندوق النقد، يُنظر إليها داخل السلطة، كـ«حل» وحيد للأزمة الخانقة، فيما يضع ماكرون الاتفاق مع «الصندوق» على رأس أولويات الحكومة المقبلة.
 

التعليقات الأميركية الأولية – بعد زيارة ماكرون – لا تزال تتأرجح بين الشدّ والإرخاء. ولا يزال الاختلاف في مقاربة المواضيع ظاهراً. ماكرون، مثلاً، «اعترف» بتمثيل ح ز ب الله الشعبي وبكونه «مُكوّناً لبنانياً» أساسياً، لا يمكنه «واقعياً»، تجاوز الحوار معه. واعتبر أنّه في المرحلة الراهنة، يجب تأجيل البحث بملفات خلافية، كالاستراتيجية الدفاعية، في حين أنّ السياسة الأميركية لا تزال تدور حول تكثيف الضغوط على ح ز ب الله وحلفائه، وتغيير موازين القوى في البلد. مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر وصف أمس لصحيفة «الشرق الأوسط» ح ز ب الله بأنّه «جزء كبير من المشكلة، ليس مُهتماً بالإصلاح ويُفضّل الوضع الراهن»، كاشفاً عن أنّ العمل أميركياً لا يزال مُستمراً «وستكون هناك تحقيقات للوصول إلى فرض العقوبات على بعض الشخصيات». حتّى إنّ شينكر قرّر «مقاطعة» السياسيين، حاصراً لقاءاته بشخصيات معارضة وجمعيات من «المجتمع المدني» ليستمع إلى ما «يُريده الشعب». فأتى الردّ على هذه النقطة من النائب السابق وليد جنبلاط، في حديث إلى الـ«ال بي سي»، قائلاً: «وما يلتقي… شو بعمل؟ ما رح تخرب الدني إذا ما التقينا».
 


وضع العصي في الدواليب استمر ليل أمس، مع إعلان الخارجية الأميركية لقناة «العربية» شرطها أن «لا يكون ح زب الله جزءاً من الحكومة اللبنانية». الموقف المُتشدّد تجاه «الحزب»، يُليّنه الأميركيون في حديثهم عن المبادرة الفرنسية. فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في مؤتمر صحافي، «أننا نعمل مع الفرنسيين في لبنان، ولدينا نفس الأهداف»، مُضيفاً أنّه «ينبغي على هذه الحكومة أن تقوم بإصلاحات عميقة، اللبنانيون يطلبون تغييراً حقيقياً والولايات المتحدة ستستخدم وجودها ووسائلها الدبلوماسية لضمان أن يتحقّق ذلك».
 
 
هذا الكلام يُوحي بأنّ «المُبادرة» تحمل أبعاداً جدّية، خلافاً لكلّ المحاولات السابقة. ويُعزّز ذلك حديث جنبلاط أمس لقناة الـ«ال بي سي»، إذ ظهر مُرتدياً لباسه «المُعتدل»، ومُخالفاً التوجهات الأميركية بالقول: «العقوبات على ح ز ب الله لن تُضعفه، بل ستُضعف الاقتصاد اللبناني، وأنصح دول الخليج بأن تنضم إلى المبادرة الفرنسية»، مُتوجّهاً إلى بومبيو بالسؤال «هل يُريد مساعدة الفرنسيين في الشق الاقتصادي؟ الكابيتال كونترول أمر ضروري مع تصوّر مصرفي جديد».
 
 
وأوضح أنّه اختار مصطفى أديب، «لأنّ هناك مبادرة فرنسية فريدة من نوعها، التي هي إنقاذ ما تبقّى من لبنان الكبير ووضع لبنان على سكّة الإنقاذ… أُعطي الثقة للمبادرة الفرنسية، وغالبية الحاضرين (أول من) أمس (في لقاء قصر الصنوبر مع ماكرون) أعطوا الثقة»، مؤكّداً أنّ الورقة هي «مسودة بيان وزاري. أنصح الرئيس المُكلّف العمل بهذه الورقة، وألا يكون هناك تمسّك بالوزارات ولا محاصصة».
 
 

التعويل على المبادرة الفرنسية عبّر عنه أيضاً الرئيس العماد ميشال عون. فقال إنّ «اندفاعة ماكرون تجاه لبنان، يجب أن يُقابلها عزم لبناني على مساعدة أنفسنا، وتأليف حكومة قادرة وشفافة في أسرع وقت ممكن للبدء باتخاذ خطوات إصلاحية فورية تُسهم في إطلاق عملية إنقاذ لبنان وتقديم الدعم الدولي له».

الأخبار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى