اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

تعيين زوجة حسان دياب ودزينة شخصيات لـ”استشراف” المستقبل!

جنى الدهيبي

ضمن سلسلة “إنجازات” الـ97 في المئة، التي تدعيها حكومة الرئيس حسان دياب، وقوى الثامن من آذر، تفاجأ اللبنانيون بقرار صدر عن وزارة التربية، حمل توقيع وزيرها طارق المجذوب، رقمه 276 /م/2020، وقضى بتشكيل ما يسمى بـ”لجنة عليا لاستشراف أوضاع التربية والتعليم العالي”، برئاسة الوزير نفسه على أن تضم كل من الأساتذة الجامعيين: دولا كرم، ربى رعيدي، خالد الخير، سعد عيد، أسامة جدايل، نوار دياب (زوجة رئيس الحكومة)، نشأت منصور، ندى مغيزل، كرمى الحسن، عاصم جابر، طلال عتريسي، وصوما بوجوده.

لجنة الحدس بالمستقبل!
هذه اللجنة الغريبة في تسميتها، مع العلم أنّ المهمة الأصلية والبديهية لوزارة التربية هي متابعة أوضاع التربية والتعليم العالي، تدّعي أنّها تعمل على “استشراف” الأوضاع التربوية في جميع مراحل التعليم واقتراح الحلول، على أن تجتمع دوريًا وكلما دعت الحاجة. لكن السؤال البديهي: ماذا تقصد الوزارة بمصطلح “استشراف” أصلًا؟
يكفي أن ننظر إلى المعنى المعجمي لهذا المصطلح، الذي يعني أنّ “استشراف المستقبل هو التطلّع إليه أو الحدس به”، حتّى ندرك أنّ دور هذه اللجنة التربوية لن يخرج عن إطار عمل الحكومة وأدائها، والذي يقوم على وضع الخطط والنظريات، وادعاء النجاح والتفوق عبر تضخيم “الأنا” لدى رئيسها ووزرائها والقوى السياسية الداعمة لها، في بلد يشهد على أسوأ عهوده، والانهيار والإفلاس اقتصاديًا وسياسيًا ومعيشيًا.. وحتّى أمنيًا وطائفيًا.
تواصلت “المدن” مع عددٍ من المسؤولين في وزارة التربية لتستوضح عن الدور أو الوظيفة الموكلة بها هذه اللجنة. لكنّ المفاجئ أنّ “الجميع لا يعلم”، من دون تقديم أيّ جواب واضح ورسمي حول المهمة الأصلية لها. وقد تلقينا وعدًا بتواصل الوزير طارق المجذوب معنا، باعتبار أنّه الوحيد الذي يعلم بالدور المنوط بلجنته، التي قرر تشكيلها وتنصيب زوجة دياب عضوًا فيها.

في عز الأزمات
وحسب معلومات “المدن”، قد يكون دور هذه اللجنة المستحدثة لأول مرة في تاريخ وزارة التربية، هو لمتابعة شؤون الجامعات الخاصة، بالشراكة مع جامعات “كبيرة”. وحتى الآن، لم يظهر إن كان أعضاء هذه اللجنة سيعملون تطوعًا أو لقاء “أتعاب” مادية، خصوصًا أنّ دورها الأصلي ليس واضحًا بعد، وهو ما على الوزير المجذوب والحكومة توضيحه، في وقتٍ يجاهرون ليلًا نهارًا عن حجم إفلاس لبنان، ولم يتفقوا بعد على رقم موحدٍ لمديونيته التي تجاوزت مليارات الدولارات.
أمّا الغريب، فهو أنّ وزارة التربية ترزح تحت أزمات كبرى، تتعلق بصراع لجان الأهل والمدارس الخاصة حول مسألة الأقساط، و”تسونامي” النزوح من التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي، الذي يترقبه لبنان مع بداية العام الدراسي المقبل. وكذلك صراع الطلاب الجامعيين مع إدارات الجامعات الخاصة حول قضية “دولرة” الأقساط”. فهل ستحلّ لجنة “الاستشراف” كلّ هذه القضايا وتأتي بحلٍ سحري لها ينقذ الواقع التربوي ومئات آلاف الطلاب من الانهيار؟

نوار دياب
أكثر ما يلفت في هذه اللجنة المستحدثة، هو تعيين زوجة رئيس الحكومة الدكتورة نوار دياب عضوًا فيها. ولا شكّ أنّ الرئيس دياب بدا واضحًا في إصراره على إقحام زوجته (وربما كلّ أفراد عائلته) بوظائف وتعيينات في الدولة، قبل فوات الأوان. وقد تجلّت بوادر ذلك منذ أن خرجت السيدة دياب إلى اللبنانيين من دون سابق انذار أو حتى صفة تمثيلية، غير أنّها “زوجة الرئيس”، لتعطيهم درسًا في إقبال “سيّدات وصبايا لبنان على العمل في خدمة المنازل بدلاً من العاملات الأجنبيات”، لما لذلك من حسنات على مستوى الاقتصاد، للنهوض من الانهيار والحفاظ على “الدولارات” بدل دفعها للعاملات الأجنبيات!

قد تأتي تبريرات وزارة التربية ورئيس الحكومة، من نوع أنّ السيدة دياب تستحق عن جدارة هذا المنصب الأكاديمي، وربما أكثر منه، بوصفها أستاذة جامعية وتشغل منصب أستاذة مشاركة دائمة في دائرة اللغة الانكليزية، في الجامعة اللبنانية الأميركية. كما أنّها عضوة في مجلس الشيوخ وفي العديد من اللجان الأكاديمية والإدارية في الجامعة اللبنانية الأميركية.



لكن أسئلة أخرى من سلسلة كثيرة يمكن طرحها: هل كانت نوار دياب تحظى بهذا الاهتمام والمناصب لو لم تكن زوجة حسان دياب؟ وهل كان الوزير طارق المجذوب سيفكر بتعيينها لو لم يطلب منه رئيس الحكومة ذلك؟ وهل سنسمع “موشح” تمثيل النساء في بلد لا يحظين فيه بمناصب، سوى زوجات وأخوات وبنات وعمات وشقيقات وصديقات وقريبات الرؤساء والوزراء والنواب؟
كلّ قرارات و”تعيينات” ولجان الحكومة ووزراتها، تؤكد أنّها لم تخرج من منطق التنفيعات والمحسوبيات والصفقات المتبادلة، مهما ادّعت التعفف باستقلاليتها و”تكنوقراطيتها” ونزاهتها. لا بل أنّ تمدد “الاقطاع العائلي” والحزبي تتسع رقعته في الدولة، لا سيما أنّ معظم أعضاء هذه اللجنة التربوية، وفق المعلومات، محسوبون على أطراف وجهات سياسية ممثلة في الحكومة

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى