اخر الاخبارمقالات وقضايا

التداعيات الإقتصادية لإنفجار مرفأ بيروت

4 آب تاريخ أليم سيبقى محفوراً في ذاكرة لبنان و اللبنانيين و العالم أجمع حيث حصل رابع أكبر إنفجار في العالم بحسب رويترز. شكّل انفجار مرفأ بيروت الزّلزاليّ الذي أصاب قلب العاصمة و رئتها الاقتصادية كارثة إنسانيّة ،اقتصاديّة،اجتماعيّة وأمنيّة حلت على مدينة بالكاد تلتقط أنفاسها من أزمة تلو الأخرى. وقد خلّف هذا الانفجار الذي دمّر المرفأ 177 شهيد و6500جريح و 30 مفقودا وشرد الآلاف ودمر المنازل والمؤسّسات والممتلكات. إنّ هذه الفاجعة سترمي بأثقالها الوخيمة على اقتصاد لبنان الذي يعاني من أزمات اقتصاديّة ماليّة ونقديّة حادّة والذي تخلّف عن تسديد سندات اليوروبوند من شهر آذار 2020 ويفاوض جاهداً صندوق النّقد الدّولي للحصول على بضعة مليارات بعد استنزاف العملات الصعبة من القطاع المصرفي وانهيار اللّيرة اللّبنانيّة إلى مستوى غير مسبوق حتى في عزّ أزماته وحروبه عسى أن تفتح الأبواب له للحصول على أموال سيدر وعلى دعم عربي ودوليّ فإذ به فقد أحد أهم أصوله والورقة الاقتصاديّة القويّة لديه ومعه خسائر جسيمة قدرت بشكل متفاوت بعدة مليارات وصولا الى ١٥ مليار دولار.
تنبع أهمية المرفأ الّذي يعتبر من أهم مرافئ شرقي البحر الأبيض المتوسط كونه مرفق لوجستي وحيوي للبنان يؤمن 70 بالمئة من البضائع المستوردة من الخارج عبر التعامل مع 300 مرفأ عالمي علما أن لبنان يغطي حوالي 80 بالمئة من حاجياته الاستهلاكيّة عبر الاستيراد، كما أنّه يستورد حاجاته من المواد الأولية و السلع الوسيط المستخدمة بالصناعة. وهذا يضعنا أمام مشكلتين أساسيتين: المشكلة الأولى في كيفية تأمين عملية الاستيراد من الخارج والبحث عن بدائل أخرى كمرافئ طرابلس، صيدا، وصور ومدى جهوزيتهم لذلك. وهذا قد يهددّ الأمن الغذائيّ للمواطن وذلك بسبب عاملين أولهما عدم القدرة على استيراد وبالتالي فقدان السلع التي يحتاجها اللّبنانيّون خاصة في ظل الخسائر الفادحة التي أصابت المواد المخزنة في المرفأ حيث تخزن غالبية حبوب البلاد خاصة القمح الذي أتلف 15000 طن منه كانت مخزنة في اهراءات المرفأ وهنا تزداد الحاجة لعملية الاستيراد علما أن لدى لبنان من القمح ما يكفيه لمدة شهر ونصف، وثانيا ازدياد أسعار السلع الموجودة حاليا عملا بقاعدة ازدياد السعر بسبب ازدياد الطلب عن العرض، خاصة في ظل تضخم كبير عانى منه لبنان مؤخرا وصولا الى دخول لبنان في التضخم المفرط بحسب حسابات ستيفن هانكي بعد ازدياد اسعار السلع 50 بالمئة لمدة ثلاثون يوما متتالية. كما أنّ ذلك سيؤدي إلى خسارة الدّولة لعائدات الجمارك فتتفاقم مشكلة عجز الموازنة التي وصلت إلى ٤٠ بالمئة. المشكلة الثانية تتعلق بالتصدير، فالتصدير الذي كان يعتمد بشكل أساسي على مرفأ بيروت. ولبنان الذي يعاني حاليا من تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي بعد أن فقدت الليرة 80 بالمئة من قيمتها بفعل شح الدولار الأميركي بحاجة ماسة الى تزويده بالعملات الصعبة من الخارج والتي كان يؤمنها من خلال تحويلات المغتربين وعائدات السياحة بشكل أساسي و عبر عمليات التصدير وإن كان يستورد بما يفوق التصدير بعدة أضعاف(في عام 2019 بلغ الاستيراد 19231000 دولار بينما بلغ التصدير 3371000 دولار). وفي حال استعاد المرفأ القدرة التشغيلية فان هذه المخاطر ستنخفض بطبيعة الحال. ولا ننسى أثر الانفجار على قطاع السياحة الذي يعتبر أكثر القطاعات هشاشة خصوصا عند حدوث أي حدث أمني، فالسائح سيلجأ لبلد أكثرأمانا مما سيشكل عاملا مساعدت لبنان إضافة الى تفشي كورونا لفقدان لبنان لمليارات الدولارات كانت تدخل اليه من السياحة تحديدا في فصل الصيف
كل هذا لا شك له أثر كبير على زيادة نسبة البطالة التي بلغت مستويات قياسيّة و مرشحة للصعود بفعل اقفال المؤسسات المتضررة وتراجع عمل المؤسسات غير المتضررة. ممّا يخلّف أثراً على مستويات الفقر في لبنان خصوصا بعد تشريد 300 ألف عائلة وستشهد البلاد موجة هجرة بأعداد هائلة.

فاطمة رحال، أستاذة جامعية وباحثة في المجال المالي والإقتصادي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى