اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

أزمة المحروقات الشغل الشاغل للبنانيين : سوق سوداء وأصوات تُطالب بالفيدرالية حماية لحصصها

الأنباء الكويتية :جويل رياشي-
لا بنزين ولا وقود على أنواعه في لبنان إلا بالقطارة وبـ «طوابير الذل»، ولا انفراج إلا برفع الدعم كاملا عن المحروقات، عندها فقط يصل البنزين وبقية المشتقات النفطية إلى المواطن بصورة طبيعية، لكن بأسعار كارثية.

حقيقة حفظها اللبنانيون، وباتوا يسخرون من كلام ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا وعضو نقابة محطات الوقود جورج البراكس عن حلحلة وإراحة السوق. «كلام لا يصرف في أي مكان، وليت وسائل الإعلام تخبرنا بأسماء المحطات التي تفتح خراطيمها للتعبئة»، بحسب جهاد الموظف في قطاع رسمي، والمتيقن «من عدم وصول البنزين إلى خزانات السيارات، ما دام هناك توافر لربح مادي جراء تهريبه من قبل المستوردين والشركات والتجار والمحطات والمواطنين».
 
في خطوة ليست مفاجئة، دخل المواطنون شركاء في المضاربة لتحقيق دخل، وليس ربحا، من تجارة مؤقتة أسوة بالاتجار في الشيكات سابقا. تجارة تؤدي بأصحابها إلى تحصيل مداخيل تعينهم على تأمين قوتهم، لكنهم في المقابل يضيقون الخناق حول أعناقهم، على طريقة «الناس بتاكل بعضها».
 

جديد أزمة المحروقات قيام مواطنين من مناطق معينة، بالانتظار في طوابير أقل ازدحاما وتحديدا على الأوتوستراد الساحلي من جبيل إلى عمشيت، حيث تنتشر المحطات. يقوم هؤلاء بتعبئة خزانات سياراتهم وتفريغها، وهكذا دواليك، فينهون النهار عائدين إلى مناطقهم بـ «غلة حرزانة» من الغالونات، فيبيعونها هناك بسعر السوق السوداء، أو إلى تجار التهريب.
 
الشيء عينه يحصل في مناطق أخرى وبطرق مختلفة، حيث يقوم البعض بأخذ سيارات من يرغب (من الجنسين) لتعبئتها بعد الانتظار في ساعات الصباح الأولى أمام المحطات لقاء إكرامية لا تقل عن خمسين ألف ليرة حدا أدنى. أمر تحدثت عنه زميلة صحافية رفضت الكشف عن اسمها، مشيرة إلى انها غادرت منزلها فجرا قبل شروق الشمس «وسلمت سيارتي إلى متطوع اختار تجنيبي ساعات الانتظار الطويلة».
 
في مقابل ذلك ترتفع أصوات «نشاز» من مواطنين يطالبون بتطبيق الفيدرالية لحماية حصص مناطقهم من المحروقات!
 
محطات الوقود لا تفتح أمام المواطنين إلا ساعات قليلة وبشكل خفيف على الأوتوستراد الممتد من صيدا جنوبا إلى ساحل كسروان شمالا. ولا تقل فترة الانتظار عن ساعتين. في المقابل، تكون الفترة أقل في الأحياء الداخلية لمناطق ساحل المتن الجنوبي (قضاء بعبدا) والمتن الشمالي وكسروان وجبيل وكلها في محافظة جبل لبنان. وقلة من المحطات التي تقوم بتعبئة خزانات السيارات كاملة، و«تجود» على المواطنين بنصف صفيحة كمعدل عام «لتلبية أكبر عدد ممكن»، وهي عبارة يرددها أصحاب المحطات والعمال من لبنانيين وأفارقة وآسيويين.

 
في منطقة جبيل يختلف الأمر، خصوصا مع محطة شركة «كورال» المركزية على مدخل المدينة من بيروت، وفي محطات شركة «آي بي تي» المنتشرة بكثافة في المنطقة والمملوكة من ابن عمشيت ميشال عيسى، حيث تتم تعبئة خزانات السيارات كاملة.
 
نتحدث هنا عن منطقة يمكن الإشارة إلى توافر محطات تبيع مادة البنزين حتى أيام الآحاد، في بلاد يمتد ساحلها 210 كيلومترات!
 
الأمر عينه بالنسبة إلى بقية المشتقات النفطية خصوصا مادة المازوت التي تستخدم من قبل أصحاب المولدات لتزويد الناس بالطاقة الكهربائية. وقليلة هي المناطق المحظية التي لا يقنن فيها أصحاب المولدات ساعات التغذية، بعد التسليم بأن الكهرباء الرسمية من الدولة اللبنانية لا تتخطى ساعات التغذية منها الاثنتين يوميا، وهي تعطى في شكل متقطع على مدار الساعات الـ 24.
 
ليس سرا ان اسعار التعرفة لفواتير المولدات سترتفع كثيرا في نهاية الشهر الجاري، بعد رفع أسعار المازوت رسميا وفي السوق السوداء، وغياب الدعم بالتغذية من «كهرباء لبنان».
 
أزمة من نوع آخر في قرى كانت تشهد حركة اصطياف، حيث تغيب مولدات الأحياء بسبب قلة الزبائن، وبات على السكان هناك تأمين مولدات صغيرة مخصصة للاستعمال المنزلي، مع ما يتطلب ذلك من تأمين محروقات (متعذرة ونادرة) وقطع غيار، فتتغطى أكلافها المعقول وتضرب أرقاما قياسية لقاء توفير الطاقة لساعات معدودة، وبقدرة إنتاج متواضعة.
 
وتكثر الحكايات عن بطاريات الشحن المخصصة للأجهزة الخليوية، وإطفاء خدمات التواصل الاجتماعي في الأجهزة، لتمكينها من الصمود ساعات أطول قبل إعادة شحن بطارياتها، إلى تقنين استعمال الحواسيب لإنجاز أعمال مكتبية عن بُعد. والبعض تساءلوا عن مصير السنة الدراسية الجديدة، في ضوء أزمة المحروقات المفتوحة والمرشحة للتفاقم أكثر، إلى تعرفة أسعار باصات نقل التلاميذ بعد تحرير أسعار الوقود.
 
أسئلة وتساؤلات لا تنتهي، وتؤرق الناس لأنها تتعلق بالتفاصيل الدقيقة ليومياتهم. أسئلة أعادت تذكير الناس بـ «أعوام الحرب الأهلية»، وفي بداية خمسينيات القرن الماضي، قبل تغطية شبكة الكهرباء جميع الأراضي اللبنانية.

الأنباء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى