اخر الاخباربريد القراء

قدر ذاتك..وكن سعيدا! (بقلم اللايف كوتش ملاك حمدان)

تقدير الذاتself-esteem هو الشعور بالرضا والثقة بالنفس، والإيمان بأن الشخص يستحق الاحترام والتقدير. إنها عملية مهمة لتحسين جودة الحياة والوصول إلى الإنجازات المرجوة، وتعتبر أساسًا للنمو الشخصي والتطور المستمر. ويُعرّف تقدير الذات أيصا على أنّه الموقف الذي يتخذه الإنسان تجاه نفسه، قد يكون عاليًا عندما يأخذ الإنسان موقفًا إيجابيًا تجاه ذاته ويحترمها ويطورها، أو منخفضًا عندما لا يشعر بقيمته، أو يسلك طرقًا تقلل من احترامه لذاته، وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على تقدير الإنسان لذاته مثل الشخصية، والعمر، والجينات، والظروف الاجتماعية، والصحة والأفكار، وردود الفعل، والمقارنات التي يقيمها الإنسان من وقت لآخر بينه وبين الآخرين.

وهناك فرق بين تقدير الذات والثقة بالنفس فتقدير الذات هي آراء ومعتقدات الفرد تجاه نفسه والذي يعود عليه بالإيجاب، فيسعى دائمًا أن يكون راضيًا عن نفسه مؤمنًا بها ومتقبلاً عيوبها.

أما الثقة بالنفس، فهو شيء مكتسب يسعى الفرد لتحقيقه دائمًا، وتُبنى الثقة بالنفس بناءًا على تقدير الفرد وخبراته الحياتية وتجاربه الشخصية، وتكون الثقة بالنفس مهارة مكتسبة مطورة بشكل دوري. 
وبذلك تتناسب الثقة بالنفس طرديًا مع تقدير الذات، والثقة بالنفس هو صورة الشخص لذاته.
والثقة بالنفس متغيرة بتغير تجاربنا ونجاحاتنا وإخفاقاتنا، ويجب ألّا نقسوا على أنفسنا لأن التقصير والعثرات سنّة الحياة، في حين أن تقدير الذات أمر مستمر وينبع من شعور المرء بقيمته وعطائه وكفاءته بغض النظر عن رأي الناس فيه. ولهذا يرى- روبرت ريزونر – كأحد المتخصصين في تقدير الذات، أن من عناصر تكوين تقدير الذات، الشعور بالهدف ،والأمان، والانتماء، والكفاية الشخصية. ولهذا فإن «تقبل الذات كما هي» هو منطلق أساسي يستند إليه المرء في تقديره لذاته الذي يجب ألّا يهتز من حفنة كلمات استهزائية أو استعلائية، لأن التقدير الذاتي راسخ رسوخ الجبال الشاهقة في ذواتنا البشرية.

وتكمن اهمية تقدير الذات في انتقاء الخيارات الأفضل، واتخاذ قرارات إيجابية وبناء عادات النجاح كالإصرار والاستمرارية والحماس للوصول إلى الأهداف والحفاظ على الصحة العقلية والنفسية وتحفيز عقلية النمو والتطور..
وبالتالي فإن تدنّي تقديرك لذاتك قد يتسبّب في العديد من المشكلات في حياتك الخاصة أو المهنية والتي قد لا تعلم أنّ سببها الحقيقي هو أنّك لا تقدّر نفسك كما يجب. ومن اهم المشكلات التي يسببها تدني تقدير الذات هي :

1- احتقار النفس
مرحلة احتقار أفكارنا وأفعالنا يعتبر إشارة كلاسيكية واضحة لتدني تقدير الذات.وهي تكون من خلال مشاعر الغضب تجاه ما أنت عليه وعدم القدرة على مسامحة نفسك حتى على الأخطاء البسيطة جدًّا.

فيتحوّل الانتقاد الذاتي إلى وقود لكراهية النفس واحتقارها لذا عليك إسكات هذا الصوت الخفي في رأسك من خلال ترديد جملة إيجابية كجواب لكلّ تعليق سلبي تقوله لنفسك. وان تسامح نفسك على اخطائك فليس هنالك شخصٌ جيّد بنسبة 100% أو سيئ بنسبة 100% ولا تخف من إعادة بناء معتقداتك حول نفسك بما يتناسب معك. إنها حياتك أنت فلا تجعل لأحد غيرك سلطة عليها.

2- الهوس بالكمال

الشخص المهووس بالكمال يعيش مع إحساس دائم بالفشل، لأنّ إنجازاته مهما كانت عظيمة تبدو له غير جيدة بما فيه الكفاية ولكن هناك فرق عظيم بين أن تفشل في تحقيق أمرٍ ما، وبين أن تكون فاشلاً. عندما لا تتمكّن من تحقيق هدف أو إنجاز مهمّة فذلك لا يعني بالضرورة أنّك إنسان فاشل لا تستحقّ الحياة. لا تخلط بين الأمرين و لا تركز على صغائر الامور فغالبًا ما يميل مهووس الكمال للتركيز على المشكلات الثانوية البسيطة ويهمل الأمور المهمّة بحق. احرص دومًا على النظر للأمور نظرة شمولية. ركّز على الصورة الكبرى وتغاضى عن صغائر الأمور.

3- كراهية مظهرك الخارجي
تدني تقدير الذات يجعل الفرد يكره مظهره الخارجي ممّا يؤثر على سلوكياته في علاقاته مع الآخرين، وفي طريقة تقديم نفسه بل قد يصل الأمر إلى إهمال العناية بصحته الشخصية، نظرًا لأنه يرى نفسه غير جدير بذلك. تجنب مقارنة نفسك مع الاخرين فالمقارنة ليست سوى لصّ يسرق سعادتك ويقودك إلى فقدان الأمان. تقبّل حقيقة أنّ الكلّ مختلف بطريقة ما، وابحث عمّا يميّزك ويجعلك مختلفًا عن الآخرين.اعتن بصحتك واهتم بمظهرك ولا تستخفّ بأثر التصرفات البسيطة. فإن واظبت عليها ستذهلك نتائجها!

4- الشعور الداخلي بأنّه لا قيمة لك

جميعنا نشكّ أحيانًا في قدراتنا في جانب معيّن من حياتنا. لكن الشعور المتعمّق بانعدام القيمة ينبعُ في الغالب من إحساسنا بأنّ قيمتنا أقلّ من الآخرين.
إن بدا لك هذا الشعور مألوفًا، فلا بدّ أن تعي أوّلا وقبل كلّ شيء أن الإحساس بالقيمة ليس أمرًا يُعطى لك من الآخرين وإنّما هو شعور داخلي تبنيه بنفسك توقف عن التفكير بان الآخرين أفضل منك و ردّد مع نفسك دومًا: ليس هنالك من هو أفضل منّي، وليس هنالك من هو أقلّ قيمة منّي. لكلّ منّا قيمته الخاصة التي تميّزه عن الآخرين. يمكنك أن تمدح سمات الآخرين وتشيد بها، لكن ليس على حساب قيمتك الشخصية تذكر انك انت من تعلم اللخرين كيف يتعاملون معك فتصرفات الآخرين معك ليست سوى انعكاس لنظرتك لذاتك. والعالم الخارجي ليس سوى مرآة لدواخلك.

5- الحساسية المفرطة
الحساسية المبالغ فيها هي إحدى المشكلات الأكثر إيلامًا الناجمة عن تدني تقدير الذات. سواءً كنت ممن يغضبون من الانتقادات أو تشعر بالألم والانزعاج من كلّ تعليق يوجّه إليك، عليك أن تبذل جهدك للتغلّب على حساسيتك هذه.
استمع جيّدًا لما يقوله الآخرون لك أو عنك، وقيّم ما إذا كانت هذه الملاحظات حقيقية أم لا قبل أن تقرّر ردّة
فعلك ومشاعرك تجاهها دافع عن نفسك وإن كان الانتقاد الموجّه إليك غير عادل، فلا تتردّد في أن تكون بطل نفسك وتعترض عليه مع توضيح السبب بكلّ هدوء وموضوعية بعيدًا عن الغضب والانفعال.فإن وجدت أنّ فيما يُوجّه إليك من انتقاد ضربٌ من الحقيقة، تعلّم منه وسخّره لصالحك ، بدلاً من لوم نفسك على ما قيل لك، خذ بالنصائح الموجّهة إليك واستفد منها في تحسين نفسك وتغييرها للأفضل ، امض قدما للامام وتوقّف عن التفكير المستمر في التعليقات والانتقادات التي وُجّهت إليك. لأنّ التعلّق بهذا النوع من الذكريات لن يجلب لك سوى الأسى.

6- الشعور الدائم بالخوف والقلق
يرتبط الخوف والقلق الدائم ارتباطًا وثيقًا بتدني تقدير الذات. وهو إشارة قويّة إلى أنك لا تقدّر ذاتك كما يجب. فرق بين المخاوف الحقيقية وتلك غير المبررة وتحدّى مخاوفك وقلقك بالحقائق.واستعن في ذلك بما يُسمّى “هرم المخاوف”. ارسم هرمًا وقسّمه حسب مخاوفك، بحيث تضع أكبرها في قمّة الهرم، وأصغرها في الأسفل.
عليك الآن أن تشقّ طريقك إلى أعلى الهرم وتواجه مخاوفك واحدة بعد الأخرى بدءًا من أصغرها وصولاً إلى القمّة وفي كلّ مرّة تتغلّب على إحدى مخاوفك سترتفع ثقتك بنفسك ويزداد تقديرك لذاتك.

7- الشعور الدائم بالغضب
الغضب شعور طبيعي، لكنه في غالب الأحيان ناجم عم تدني تقدير الشخص لذاته. حينما لا تفكّر إيجابيًا في نفسك، ستبدأ بالاعتقاد أنّ أفكارك ومشاعرك الخاصّة
غير مهمّة للآخرين. وهكذا تتراكم الآلام والغضب في داخلك ويؤدي هذا الكبت بعد مرور الوقت إلى الانفجار. فتنفجرُ غاضبًا لأبسط الأسباب. تعلم الحفاظ على هدوء أعصابك وذلك من خلال التعبير عن مشاعرك وأحاسيسك في وقتها وعدم كبتها وإخفاءها كي لا تتراكم وتُصبح أشدّ إيلامًا. أخرج نفسك من الموقف
وحاول أن تبتعد قليلاً عمّا يزعجك، وخذ أنفاسًا عميقة طويلة لتقلّل نبضات القلب وتُعيد جسدك إلى حالة الهدوء والاسترخاء.ولا تحمل نفسك فوق طاقتها من خلال أخذ مسؤوليات تفوق قدراتك.

8- السعي الدائم لإرضاء الآخرين

إحدى أهمّ المشكلات المرتبطة بتدني تقدير الذات هو الشعور بالحاجة لإرضاء الآخرين كي تحصل منهم بالمقابل على الإعجاب والاحترام والمحبّة. ونتيجة لذلك، ينتهي الأمر بالكثير من الأشخاص الذين يسعون لإرضاء الآخرين نهاية سيئة، إذ يستمرّون في العطاء والمنح حتّى يتمّ استغلالهم والإساءة إليهم معنويًا،تعلم أن تقول لا وتذكّر أن قيمتك لا تأتي من الآخرين، من يحبك حقًا فهو يحبّك لذاتك وليس لما تفعله لأجله أو تقدّمه له، وكن انانيا احيانا فالأشخاص الذين يتمتّعون بتقدير عالٍ لأنفسهم يعلمون تمامًا متى يتوجّب عليهم تقديم أنفسهم على الآخرين.ضع حدودا للآخرين وحدّد لهم طريقة التعامل معك كما تريد وتحب أنت.

وبالنهاية فإن التفرّس في وجوه من حولنا بحثاً عن نظرة «تقدير ذاتي» هو أمر يجب أن يتوقف. فهناك فارق بين سماع كلمة تقدير appreciation وبين تقديرنا لذاتنا self-esteem. وما أكثر من يحطم نفسه ويكرهها لأنه لم يكمل مشروعاً ما على الوجه الأكمل، أو لم يحقق أهدافاً حياتية يومية أو شهرية على النحو المأمول. ولهذا نجد أن أكثر الناس تألماً في الحياة أولئك الذين يعاقبون أنفسهم بصب جام غضبهم على أنفسهم لأنهم لم يحققوا أمراً ما.

وهذا نابع من ظاهرة المبالغة في جلد الذات في مجتمعاتنا. إذ ينشأ الناس على فكرة الكمالية perfectionism وكأن المرء ملائكي لا يخطئ أبداً. فتجده يغضب أشد الغضب أو لا يعترف أصلاً بالخطأ خشية من «سياط الكمالية» التي تتربص به.
وختاما عندما يكون لدينا تقديرًا قويًا لأنفسنا، نصبح أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط والتحديات والتغلب عليها بسهولة. كما أنه يساعدنا على التفكير بإيجابية والتعامل مع الآخرين بطريقة إيجابية ومحترمة. لذلك، يجب أن نعتني بتقديرنا لأنفسنا وأن نحرص على تحسينه باستمرار.

بقلم اللايف كوتش ملاك حمدان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى