اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

شتلة التبغ «تتهالك».. ومزارعو الجنوب يناشدون: انقذونا! (تقرير حسين سعد)


حسين سعد
تضيق فسحة الامل بمزارعي التبغ في الجنوب، الذين يتراجعون عنها تدريجيا، على الرغم من انها مقيمة بينهم منذ عشرات السنين، ويطالب المزارعون على امتداد الجنوب وزارة المالية برفع قيمة استلام سعر كيلو التبغ الذي تتولاه ادارة “الريجي”، بما يتلاءم بالحد الادنى مع الكلفة التي ارتفعت اكثر من عشرة مرات.


لا يكفي مزارعي التبغ هذا العام، الهبوط الكبير في قيمة بيعهم محاصيلهم بالليرة اللبنانية، الى ادارة حصر التبغ والتنباك “الريجي”، حتى يأتيهم تراجع كميات الانتاج نتيجة عوامل الطقس ونوع الاسمدة وبعض الامراض الموسمية .

ويتوقع غالبية المزارعون الجنوبيون في حال بقيت الاسعار على ما هي عليه (20 الف ليرة للكيلو وسطيا)، بعد رفعه الموسم الماضي خمسين بالمئة، انهم لن يستطيعوا جمع ما دفعوه من اموال طائلة على مواسمهم، وبالتالي وقوعهم تحت عجز اضافي قد يدفعهم الى التخلي عن الزراعة الموسم القادم، في ظل استمرار ارتفاع تكلفة هذه الزراعة، التي كانت شهدت عزا كبيرا في العقود الثلاثة الماضية، ونعِم فيها المزارعون ببحبوحة، وتحولت ارضهم البور الى مساحات خضراء مرة الطعم، كانت كفيلة بتعليم ابنائهم والعيش بكرامتهم.


فزراعة التبغ في الجنوب التي تمتد على مساحة ما لا يقل عن خمسين الف دونم، القسم الاكبر منها في قضاء بنت جبيل، يستفيد منها بشكل مباشر اكثر من 15 الف عائلة، وهي تختلف عن الزراعات الاخرى (الحمضيات – اللوزيات-الخضار)،الخاضعة للعرض والطلب وبيعها حسب سعر السوق، لان مزارعي التبغ يبيعون انتاجهم الى ادارة حصر التبغ منذ انشائها عام 1935، ووزارة المالية هي الطرف الذي يحدد شراء سعر كل كيلو من المزارعين، وحسب نوعيته وتصنيفه الى ثلاثة ابواب، وكان سقفه الاعلى الموسم الماضي عشرين الف ليرة، بعد الزيادة التي قررتها وزارة المال بطلب من ادارة الريجي، بشخص رئيسها ناصيف سقلاوي.

ويبلغ الانتاج السنوي الذي يحافظ على حجمه منذ عقود، حوالي 5.4 ملايين كيلوغرام، وتتوزع في اراضي 192 بلدة وقرية جنوبية ابرزها، عيترون ورميش وعيتا الشعب وعدشيت وميس الجبل وصديقين وزبقين وياطر ودبل ومارون الراس وسواها .

يتحدث المزارعون عن تراجع زراعة الاراضي اكثر من ثلاثين بالمئة على امتداد قرى الجنوب، بسبب ارتفاع الاكلاف

وفيما يتحدث المزارعون عن تراجع زراعة الاراضي اكثر من ثلاثين بالمئة على امتداد قرى الجنوب، بسبب ارتفاع الاكلاف وانخفاض بدل التسليم، تشير مصادر في “الريجي” لـ “جنوبية” والمعنية بمتابعة المزارعين، حتى تسليم مواسمهم في تشرين الاول من كل عام، ان “الزراعة تراجعت ما يقارب العشرين بالمئة”.


وتقول المصادر عينها، ان “استخدام الاسمدة الاقل سعرا وبالتالي اقل نوعية، وعوامل الطقس هذه السنة وشح المياه، كلها عناصر كفيلة في تراجع الانتاج، وقصر طول النبتة التي يطلق عليها “القزم” الى جانب الكلفة المرتفعة ابتداء باليد العاملة، وصولا الى اسعار الادوية والمبيدات، التي تسابق سعر الدولار في السوق السوداء”.

بدأ حسين علي قاروط من ميس الجبل زراعة التبغ منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، و يقول لـ”جنوبية” كان “انتاج رخصة التبغ (اربع دونمات ) 3500 دولار، فيما بلغ السنة الماضية فقط 800 دولار رغم الزيادة الضئيلة، وهذا الموسم اسوأ بكثير ، فكيلو الدخان كان يشتري كيلو من اللحم وخمسة كرتونات بيض، اما اليوم فكل خمسة كيلو غرامات دخان لا تشتري كيلو لحمة على سبيل المثال”، مضيفا ان “هذا الواقع المر ادى ويؤدي الى احجام المزارعين عن الزراعة، واصبحت اي زراعة رغم تكلفتها العالية افضل من التبغ”، متسائلاً: “لماذا ترتفع علبة السجائر الوطنية من 750 ليرة الى ستة آلاف، ولا يرتفع سعر كيلو التبغ المحلي الذي تصنع منه هذه السيجارة”.

الحال هو نفسه، بالنسبة للمزارعين خليل الحمدان وخضر قاروط من بلدة ميس الجبل، فيؤكدان بأن هذه الزراعة “باتت مكلفة جدا في ظل عدم مواكبة رفع سعرها كسائر السلع، ما تسبب بالانكفاء عن زراعة التبغ، التي تحتاج الى يد عاملة كبيرة، وري وحراثة اراض واستئجارها وسماد، حيث ارتفع شوال السماد من 35 الف ليرة الى حوالي 250 الفا، بينما بقي سعر كيلو التبغ الذي نسلمه للريجي على حاله”.

ويلفت المزارع سلام الحاج، الى انه “اقدم هذا العام على زراعة بديلة نسبيا للتبغ، فزرع البطاطا التي كان انتاجها وفيرا ومربحا”، مؤكدا انه “في حال استمر الوضع على ما هو عليه، من تدني اسعار التبغ، فان الكثير من المزارعين سيهجرونها”.


يفيما ؤكد المزارع عبدالله بزيع من بلدة زبقين، ان “الزراعة تراجعت بشكل واضح، لناحية حجم زراعة الاراضي والانتاج”، مضيفا”: اسعار الادوية الزراعية على سعر صرف السوق للدولار، وعلى سبيل المثال فان كيلو الخيطان كان ب7500 ليرة واصبح ب90 الف ليرة، والامر نفسه بالنسبة للخيش واجرة اليد العاملة والحراثة والمياه، في وقت بقيت الاسعار دون الحد الادنى”.

من جانبه المزارع رضا بزيع يقول لـ “جنوبية”، ان “كلفة زراعة التبغ باتت عالية جدا، فكيلو سماد الدجاج مثلا، كان بأقل من الفين، وارتفع حاليا الى 6 الاف ان وجد، واذا لم تُعدل زيادة اسعار التبغ، سألجأ الى زراعة بديلة، وهي ايضا مكلفة بسبب شح المياه وكلفة الادوية”، مؤكدا بالمقابل ان زراعة التبغ صارت جزءا من حياتنا “بدمنا” و تلازمنا منذ عقود طويلة”.
جنوبية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى