اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

في لبنان أجواء الأعياد تقاوم الأزمة الاقتصادية

جويل رياشي
العيد في لبنان أقوى من الأزمة الاقتصادية ومن غياب الخدمات وأبسطها توفير الطاقة الكهربائية لإنارة زينة الميلاد في المدن والقرى. هذا الانطباع يمكن الخروج به عقب جولة على الساحل اللبناني حيث اعتادت المدن ارتداء حلة العيد وجعل قاصديها وأبنائها يعيشون أجواءه.
البترون مدينة جديدة اقتحمت المشهد الميلادي لجهة تحولها مقصدا للزوار من المناطق. وانضمت المدينة الشمالية الى جبيل التي امتازت بشجرتها الميلادية منذ 2010، وتحولت مقصدا للبنانيين والسياح، ودخلت قائمة العشر الأوليات بين المدن التي تميزت بأشجارها الميلادية.
 
أجواء العيد لا يغيب عنها تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد. فهنا التيار الكهربائي غائب، وصاحب المولد لا يضيء المرافق العامة وخصوصا زينة الميلاد بالمجان. وهناك شبه غياب للحركة الاعتيادية في الأسواق، حتى ان بعض المحلات لم تفتح أبوابها أيام الآحاد في شهر ديسمبر، تفاديا للمصاريف التشغيلية جراء أكلاف الكهرباء واستهلاك المازوت ودفع بدل نقلات للموظفين.
 
لكن الأجواء الميلادية والعد التنازلي لاستقبال سنة جديدة لا تغيب كليا. اعلانات ترويج لحجز أماكن للسهر في ليلة رأس السنة، والاسعار حددت بالدولار الأميركي، وإن كانت شهدت تراجعا عن أرقام قياسية انفردت بها الفنادق والمرابع اللبنانية في اعوام سابقة.
 
اللافت غياب زحمة السير على الاوتوستراد الساحلي الممتد من طرابلس الى الجنوب، وانحسار الزحمة في الشوارع الداخلية في كورنيش المزرعة في بيروت، وشوارع جبيل والزلقا وصولا الى الدكوانة في جبل لبنان.
 
يمكن بسهولة إيجاد مكان لركن السيارة في المجمعات التجارية، خلافا لما كان الأمر عليه في فترات الأعياد سابقا. الغلاء طال كل شيء وخصوصا ألعاب الاطفال التي عرفت أسعارها ارتفاعا غير مسبوق، يرهق كاهل الاهل الذين يقبضون رواتبهم بالعملة الوطنية.

 
لكن وعلى خط آخر، لوحظ ارتفاع في عدد القادمين الى البلاد لتمضية عطلتي الميلاد ورأس السنة وخصوصا من دول الخليج العربي، لأسباب بينها طيلة فترة الغياب عن البلاد بسبب كورونا، وصولا الى كون أكلاف العطلة في لبنان أقل بكثير مما هي عليه في الخارج.
 
أحد اللبنانيين الأميركيين المقيمين حاليا في اسطنبول سأل رفيقه المقيم في بيروت عن جدوى تمضية العطلة في وطنه الأم. ورد المقيم في البلاد: «إذا معك كم ورقة من فئة المائة دولار فإنك ستمضي عطلة مميزة، بسبب تدني الأسعار هنا».
 
بالطبع تتراوح الأكلاف ـ المصاريف بحسب كل فرد، ذلك ان إمكانية الإنفاق تبدو كبيرة لمن يرغب، بدءا من وليمة العيد التقليدية الخاصة باجتماع العائلات في المنازل. ونتحدث هنا عن لوائح طعام عممتها الشركات التي اعتادت تقديم هذه الخدمات. أسعار حددت بالدولار الأميركي، فيما بقيت الأسعار بالعملة الوطنية عرضة للتقلب وفق سعر صرف الدولار. ويمكن ملاحظة حذف أصناف عدة من قائمة الطعام والاكتفاء بالأساسيات من الأطباق الساخنة والتركيز على ترويج الأطباق التي تتضمن الدجاج، كونها أرخص من اللحوم والأسماك وثمار البحر.
 
تقليد تبادل الهدايا لن يغيب، وإن كان التركيز أكثر على تأمين هدايا الأطفال. كذلك لم تغب المساعدات الاجتماعية كتقديم حصص غذائية توزع على المحتاجين. ويلاحظ انتشار شابات وشبان من الكشافة على مداخل السوبر ماركت في كافة المناطق، طالبين التبرع بمواد غذائية من حبوب وغيرها لتوزيعها على المحتاجين. كذلك تنشط الحملات من قبل البعض الذين اختاروا العمل التطوعي مع جمعيات ناشطة.
 
العيد يحضر في لبنان ولو بأكلاف أقل لدى الغالبية، يحضر من باب إرادة الحياة والوفاء لتقليد لم يغب في أشد الأزمات التي عصفت بالبلاد وأبرزها الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
 
لا يتعب اللبناني، ويبدو في سباق مع الأزمات التي لم تتعب بدورها للنيل منه.

الأنباء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى