اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

دياب يكبّر حجره… قليل من التواضع دولة الرئيس!

اندريه قصاص

لا أدري لماذا في كل مرّة أستمع إلى دولة الرئيس حسّان دياب أسُستفز، فيتبادر إلى ذهني كتاب “الإنجازات”، التي حققها الرجل عندما كان في وزارة التربية والتعليم العالي، والكتاب كناية عن مجموعة صور له إتخذت في مناسبات إجتماعية.


وفي كل مرّة يذكرّني بهذا الشيخ الجليل من قريتنا، الذي كان يقول لمن هم أصغر منه سنًا، في ما يشبه التوصيات أو النصائح، لا تقدمون على معركة تعرفون سلفًا أنها خاسرة، أو على الأقل تعرفون أن ميزان الربح فيها لا يميل صوبكم، ولذلك، كما كان يقول، تمهّلوا قبل الإقدام على أي خطوة ناقصة قد تندمون عليها، ساعة لا ينفع معها الندم.

أما النصيحة الثانية، وهي مكمّلة للأولى، فكان يقول: لا تكبّروا الحجر الذي تنون رميه على الآخرين، لأنه بالحجر الكبير لن تستطيعوا بلوغ الهدف، وبالتالي لن يوصل الحجر إلى أبعد من منخاركم، وربما قد يسقط على أرجلكم.

مقدمات نشرات الاخبار المسائية

من سيكون “كبش الفداء” في جنون الدولار؟


لو أطال الله بعمر هذا الشيخ الحكيم، الذي يذكره الجميع بالخير، حتى أيامنا هذه وسمع الرئيس دياب يتحدّث بعد جلسة لمجلس الوزراء، الذي لم يستطع أن يقيل حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، على عكس ما أشيع ليل أمس الأول، لكان نصحه بالشيء نفسه، ولكان قال له: لا تكبّر حجرك… ولا تقدم على معركة خاسرة سلفًا.

من المؤكد أن الدكتور دياب فشّ بالأمس خلق من سمعه من المواطنين، الذين طفح بهم الكيل نتيجة ما يعانونه من تدابيرالمصارف، ونتيجة ما صُور لهم من إستنتاجات تستهدف سلامه دون غيره من المسؤولين، وهو بهذا الكلام المنمّق، الذي أعدّ له بعناية فائقة ولهدف محدّد، دغدغ مشاعره هؤلاء المواطنين، الذين يذهبون فرق عملة، وقد حكّ على الجرح الذي يسبب لهم نزفًا متواصلًا، وصوّر لهم المشهد بكثير من السوريالية، ولكنه بعيد عن الواقع، وكأننا أمام مشهدية من ملاحم عنترة بن شدّاد.

يتضح من كلام دولته أنه يذهب إلى حيث لا يريد غصبًا عنه، وهو المغلوب على أمره بحكم وقوعه حجرًا بين شاقوفين، أي أنه رفع راية حرب ليست له، ووجد نفسه في معركة أرادها له الآخرون، بمعنى أنهم إستعملوه وقودًا في حروبهم، وذلك من خلال “الروموت كونترول”، لأنهم يعرفون أن نتائج هذه الحرب ستكون مكلفة على صعيد رصيدهم الشخصي.

المراهنة، كما يصورّها البعض، تقوم على زجّ رئيس الحكومة في مواجهة مفتوحة مع رياض سلامه. فإذا نجح في ما يسعون إليه يقطفون هم ثمرة هذا النجاح من دون تعب أو جهد. أما إذا خسر في معركة الآخرين فيتحمّل وحده النتائج، وبالتالي لن يجد إلى جانبه أحدًا يسانده ويمدّ له يد المساعدة.

وبذلك يكون الآخرون قد تجنبوا خوض معركة خاسرة سلفًا مع من يقف خلف سلامه، وبالتالي يكون رئيس الحكومة كبش محرقة في عملية تصفية الحسابات الصغيرة والكبيرة، الدخلية والخارجية.

فقد دعا دياب حاكم مصرف لبنان إلى مصارحة اللبنانيين بالأرقام. وبحسب ما تناهى من أخبار أن سلامه سيطّل على اللبنانيين وسيصارحهم بالحقائق والوقائع والأرقام، التي لا تحتمل التاويل والإجتهادات، وذلك قبل أن يقرّ الرأي على شركة تدقيق حسابات عالمية للتدقيق في حسابات مصرف لبنان.

فماذا سيقول سلامه، وهل سيتمكّن من إقناع اللبنانيين المكتوين بنار المصارف، وهل سيطالب الحكومة بردّ دينها إلى مصرف لبنان لكي يستطيع أن يردّ هذه الأموال إلى المصارف؟

هل سيحمّل مسؤولية الوصول إلى ما وصلنا إليه من تدهور وإنهيار إلى وزراء “التيار الوطني الحر”، الذين توالوا على وزارة الطاقة والمياه منذ العام 2009 حتى اليوم، وما زالت كهرباء لبنان تستنزف من مالية الدولة ملياري دولار سنويًا؟

المعركة فتحها دياب على مصراعيها، وهي مكمّلة حتى يُبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ولا مجال للتراجع إلى الوراء، إذ يمكن القول أن سلامه ربح حتى الآن جولة وليس الحرب كلها، في إنتظار إكتمال عناصر المشهدية العامة.

ليبانون 24

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى