اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

هكذا سيتصرّف “المُستقبل” و”حزب الله” في 18 آب!

ناجي س. البستاني

يوم الثلاثاء في 18 آب الحالي، ستتلو المحكمة الدَوليّة الخاصة بلبنان حُكمها في جريمة إغتيال رئيس حكومة لبنان الراحل رفيق الحريري، وذلك بعد أكثر من 15 سنة على حُصول الجريمة، وبعد نحو 6 سنوات على إنطلاق المُحاكمات رسميًا(1). فما هي التوقّعات بشأن الحُكم، وبشأن ردّات الفعل محليًا ودَوليًا؟.

بالنسبة إلى الحُكم–وكما صار مَعروفًا، فإنّه لن يخرج عن مسيرة سنوات طويلة من التحقيقات والإتهامات التي طالت مجموعة من العناصر والكوادر الذين ينتمون إلى “حزب الله”(2). لكنّ الأنظار ستكون شاخصة عند تلاوة الحكم لمعرفة ما إذا كانت المحكمة الدَولية ستحصر الإتهامات بهذه العناصر كأفراد–كما هو مُتوقّع، أم أنّها ستُشكّل مفاجأة بربط المجموعة المُنفّذة بهيكليّة تنظيميّة قياديّة أعطت الأوامر، وعندها ستكون للتداعيات وللضُغوط المُستقبليّة وقع أكبر وأخطر.
ومن ضُمن التوقّعات أيضًا، أنّ تتمّ إحالة الحُكم إلى السُلطات اللبنانيّة المَعنيّة، عبر القنوات القضائيّة المُعتمدة في هذه الحالات، على أن يكون التواصل دبلوماسيًا مع وزارة الخارجيّة اللبنانيّة والحُكومة ككل. وغنيّ عن القول إنّ السُلطة في لبنان التي كانت قد إكتفت في الماضي بإعلان عجزها عن كشف أماكن وُجود المُتهمين، ستُكرّر السيناريو نفسه عند إعلان أسماء المُدانين. كما يُنتظر إحالة الحُكم إلى مُنظّمة الإنتربول، لرصد المُدانين، علمًا أنّ هذه الخُطوة أشبه برفع العتب، حيث أنّ هؤلاء المطلوبين مُتوارون عن الأنظار منذ فترة طويلة.
وفي ما خصّ ردّات الفعل المحليّة المُنتظرة بعد تلاوة الحُكم الذي سيحضره شخصيًا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وبعض الشخصيّات اللبنانيّة الأخرى، فإنّ من غير المُتوقّع أن تخرج عن سياق المواقف التي سبق أن أعلنها “تيّار المُستقبل” في مراحل سابقة، لجهة الإكتفاء بمعرفة الحقيقة، بالتزامن مع دعوة الأنصار والمؤيّدين بوجوب ضبط النفس وعدم الإنجرار إلى أيّ ردّ فعل في الشارع، وذلك حرصًا على الإستقرار والسلم الأهلي في لبنان، وعلى رفض أيّ مُحاولات للتسبّب بفتنة مذهبيّة. لكنّ الموقف الرسمي للتيّار الأزرق لن يمنع حُصول ردّات فعل غاضبة في الشارع من قبل بعض الدائرين في فلك “المُستقبل” وضُمن بيئته الحاضنة، وبعض المُعارضين للمحور السياسي العريض الذي يقوده “حزب الله”. لذلك، من المُرتقب أن تتخذ وحدات الجيش اللبناني تدابير أمنيّة مُشدّدة على الأرض، إعتبارًا من الإثنين، أيّ عشيّة تلاوة الحكم، وطوال يوم الثلاثاء، وذلك لضبط أيّ مُحاولة لإثارة المشاكل داخليًا.
في المُقابل، يُتوقّع أن يعمد “حزب الله” الذي جدّد أمينه العام السيّد حسن نصر الله خلال خُطابه الأخير، عدم إعترافه بكامل مسار المحكمة الدَوليّة، إلى إصدار تعليمات لأنصاره بوجوب إلتزام الهدوء وعدم الإنجرار إلى أيّ تحرّكات إعتراضيّة، بالتزامن مع التعامل مع حُكم المحكمة بالنفي وبالتقليل من أهميّته وبتجاهل تبعاته، تمامًا كما سبق له أن فعل في مراحل سابقة من عمل هذه المحكمة، وتحديدًا خلال مراحل صُدور الإتهامات المُتتالية بحق كوادره.
وبالنسبة إلى ردّات الفعل الدَوليّة المُنتظرة، فإنّه من غير المُتوقّع أن تحصل أيّ مُتابعة جدّية لتطبيق الحُكم ميدانيًا، لكن طبعًا سيتمّ إستغلال هذا الحُكم لتشديد الضغوط على “حزب الله”، من قبل مجموعة واسعة من الجهات الإقليميّة والدَوليّة، خاصة وأنّ الإدانة المُنتظرة عن المحكمة الدَوليّة، تُشوّه سمعة “الحزب” أكثر، وتُساهم في تشديد العُقوبات عليه، وهي ترفع أيضًا مساعي عزله وتصنيفه “مُنظّمة إرهابيّة”. وبالتالي، سيتمّ إقليميًا ودَوليًا توظيف خُلاصة الحُكم في الحرب الإعلاميّة المَفتوحة على “حزب الله”، والتحضير لموجة جديدة من العُقوبات.
إشارة إلى أنّ المعلومات المُتوفّرة، تتحدّث عن نيّة موجودة بإستئناف حُكم المحكمة الدَوليّة، ليس بهدف نيل البراءة، بل بهدف إضاعة المزيد من الوقت، وتفريغ الحُكم من مضمونه بشكل كامل، بسبب الفارق الزمني الكبير بين تاريخ وُقوع الجُرم، وتاريخ إصدار الحُكم القابل للإستئناف. لكن ليس واضحًا حتى تاريخه، الأسلوب الذي سيُعتمد لإستئناف الحُكم، لأنّ هذا الأمر يُمثّل إشكاليّة قانونيّة، حيث يجب أن يصدر عن المُتهمين المُدانين أنفسهم، علمًا أنّ هؤلاء حُوكموا غيابيًا، وهم أصلاً لم يُوكلوا رسميًا أيّ مُحام للدفاع عنهم.
في الخُلاصة، لن يُغيّر حكم المحكمة الخاصة المُنتظر، الوقائع والتوازنات القائمة في لبنان، ولن يُغيّر في التموضعات والتحالفات أيضًا، ولا في النظرة المُتبادلة بين الأفرقاء اللبنانيّين وبين الفئات الشعبيّة اللبنانيّة. لكنّ هذا الحُكم سيُشكل صفحة أخرى ناريّة من ضمن صراع عميق وطويل، يمثّل لبنان إحدى ساحاته الرئيسة، علمًا أنّ إمتداداته تتجاوز البُعد الإقليمي إلى الدَولي.
(1) المُحاكمة الدَوليّة كانت بدأت في 16 كانون الثاني 2014، وإنتهت المُرافعات الختاميّة في القضيّة في 21 أيلول 2018، بعد أن عقدت المحكمة 415 جسلة رسميّة، وإستدعت 297 شاهدًا، وإرتكزت إلى 5183 مُستندًا، إلخ.
(2) أبرزهم: سليم جميل عيّاش، وحُسين حسن عنيسي، وحسن حبيب مرعي، وأسد حسن صبرا، علمًا أنّ مُصطفى بدر الدين كان على لائحة الإتهام قبل الإعلان عن مقتله في سوريا في أيّار 2016.

النشرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى