اخر الاخبار

مجلس وزراء بعبدا: الضحك على الجمهور

شوطان إضافيان لعبتهما حكومة حسان دياب. الشوط الودّي الأول، كان في السرايا الحكومية بحضور مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف. والشوط الأساسي الثاني، كان في قصر بعبدا.

برّي الحَكَم
ولشدة التعقيدات والتناقضات، لا الحاكم كان حاكماً إذ أنه مستهدف، ولا الحكومة كانت فريقاً واحداً. وما بين الشوطين كان لا بد من الحاجة إلى حكم. ذهب الرئيس نبيه بري إلى بعبدا والتقى برئيسي الجمهورية والحكومة. رسم رئيس مجلس النواب الخط البياني. وعلى أساسه، أطلق صافرة البداية، لا إقالة لأحد والظرف يحتّم عدم الإستغناء عن أحد في هذه المرحلة. اللعبة تدور.. ولا أحد يقدر على ملامسة الكرة. لا بل تسيّرها ريح عاتية مشهودة ومعروفة، وإن لم تكن محسوسة بالمعنى الفعلي والمادي. وتلك الريح هي حزب الله.
النتيجة كانت معروفة سلفاً: لا إقالة لحاكم مصرف لبنان. ربما وجوده أكثر ما يناسب الحزب، فهو يعرف كيفية التعاطي معه وقت الصعوبات. وأكثر ما يناسب الحزب أيضاً والحكومة والعهد هو إبقاء سلامة لتحميله مسؤولية كل الموبقات، وكل الأزمات وكل الإنهيارات. فلو أقيل سلامة لا بد من حصول ضغوط كبيرة وهائلة على لبنان. والجميع بغنى عنها. ولو أقيل سلامة لكانت كل الاتهامات ستتوجه إلى الحكومة والعهد، بانهم أقروا التعيينات المالية كما يريدون وأقالوا رياض سلامة، والأزمة استمرت بالاستفحال. بإبقاء سلامة، كل المسؤولية ستلقى عليه. وأصبح صاحب “جسم لبّيس” لتلقي الاتهامات وتجييش التظاهرات ضده.

أين الدولارات؟
رياض سلامة حاجة للجميع، طالما أن الجميع يستفيد منه. وطالما أنه بعد ضغوط كثيرة، تم التوصل إلى اتفاق بضخ الدولارات في الأسواق، بذريعة رفع سعر صرف الليرة اللبنانية ومنع انخفاضها وضبط الدولار. موقف سلامة كان واضحاً أنه سيفعل ما يضغطون في سبيله. ولكن سينتظر ليرى المدة التي سيبقى لبنان فيها قادراً على التحمل. الذريعة هي تخفيض سعر صرف الدولار، لكن الحقيقة في مكان آخر. فلا الدولار سينخفض ولا الليرة ستعوم.

هذه الحفلة التي عاشها اللبنانيون خلال الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، كانوا عاشوها أكثر من مرة قبل فترة، وكانت أشهرها رفع دعاوى على المصارف وتجميد أصولها، ومن ثم التراجع، وفيما بعد بالموقف الشديد اللهجة الذي خرج به حسان دياب مهاجماً سلامة ثم عاد وتراجع عنه. وسلامة قد أعلن سابقاً أن المصروفات تفوق بأربع أضعاف حاجة اللبنانيين. ما يعني أن الجزء الأكبر من الدولار الذي يصرف يستخدم خارج لبنان.

الرؤساء الثلاثة
جزء من الجمهور (خصوصاً ليل الخميس) تديره لعبة سياسة إعلامية أمنية أيضاً. كما الاستدعاءات وعمليات التوقيف التي تجري لصرّافين من هنا وهناك. تارة يشيرون إلى صراف أثيوبي يتلاعب بسعر الصرف، وتارة أخرى صرّافين سوريين وإلى ما هنالك. كل ذلك ليس سوى مدعاة للضحك. فاللعبة في مكان آخر، والحملات على الصرافين والصيغ الأمنية التي يحكى عنها لا تؤدي إلى حلول، بل إلى مفاقمة الأمور. المشكلة معروفة وهي إنخفاض المخزون الدولاري في لبنان، وعدم الحصول على كتل دولارية جديدة. وما هو موجود يتم صرفه أو تخزينه خارج المصرف المركزي أو إخراجه خارج لبنان.
بعد جلسة الرؤساء الثلاثة، عُقدت جلسة الحكومة، وأعلن رئيس الجمهورية في مستهلها أن ما حصل بالأمس “نتيجة ارتفاع سعر الدولار من دون أي مبرر، يجعلنا نتساءل عما إذا كان الرقم الذي أعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها لينزل الناس إلى الشوارع وتقع المواجهات؟ وهل هي لعبة سياسية أم مصرفية أم شيء اخر؟”. واضاف: “توصلنا إلى تدبير سيبدأ تنفيذه الاثنين المقبل يقوم على تغذية السوق بالدولار من قبل مصرف لبنان. وعليه يفترض ان يتراجع سعر الصرف تدريجياً”. وتابع: “مسؤولية ما حصل مالياً تتحملها جهات ثلاث: الحكومة ومصرف لبنان والمصارف. وعليه، فإن الخسائر يجب أن تتوزع على هذه الجهات وليس على المودعين”. وقال: “الخبراء الماليون أكدوا أنه لا يمكن للدولار أو أي عملة أخرى أن تقفز خلال ساعات إلى هذا الحد. وهذا ما يبعد صفة العفوية عن كل ما حصل، ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته”.

من جانبه، قال رئيس الحكومة حسان دياب في مستهل جلسة مجلس الوزراء: “البلاد لم تعد تحتمل خضات إضافية. المطلوب إجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص أو جهة تلجأ إلى هذا الأسلوب. ولا بد من اتخاذ إجراءات عملية تعطي مناعة أكبر للحكومة والدولة”.

وزيرة الإعلام: خلية أزمة
وأعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد أن “مجلس الوزراء قام بتكليف وزيرة العدل الطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات بشأن ما أُثير ويُثار من وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة، لإحداث التدني في أوراق النقد الوطني والذي أدى إلى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وغيرها من الأفعال الجرمية”. وذكرت أنه “تم تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المالية تكون مهمتها متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات، على أن تجتمع هذه الخلية مرتين في الأسبوع. ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريراً مفصلاً عن التطورات، وترفع خلاصة عملها بشكل دوري إلى رئيس مجلس الوزراء”.
ولفتت وزيرة الإعلام، إلى أن “المجلس قرر الطلب من الأجهزة الامنية على اختلافها وتنوعها التشدد في قمع جميع المخالفات، وإحالتها فوراً على المراجع القضائية المختصة تمهيداً لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين، لا سيما مصادرة العملات الاجنبية التي يثبت انها شكلت موضوع تلك الجرائم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى