اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

بعد 16 عاماً على انتصار تموز… المقاومة أكثر قوّة…

مريم نسر
من هدف إنهاء وجود حزب الله وسحقه، الى هدف إنهاء وجود «إسرائيل»… هكذا يمكننا توصيف تطور قدرات المقاومة في لبنان، مقابل التراجع «الاسرائيلي» بعد 16 عاما على انتصار تموز عام 2006، عندما واجه حزب الله حينذاك القرار الأميركي وأفشل مشروع الشرق الأوسط الجديد، وثبّت قواعد اشتباك تحمي لبنان من خلال توازن الردع لأول مرة في تاريخ الصراع، فانتقل حزب الله لمؤثر إقليمي، ما يعني أن الحرب فرضت معادلة إقليمية، وكسرت أحادية الخيار، وأسست لإمكان إيجاد خيار آخر في المنطقة.

حققت المقاومة في حرب تموز انتصاراً إلهياً تاريخياً، كما وصفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حيث انها امتلكت نقاط قوة كان العدو يجهلها، كصاروخ كورنيت الذي كشف عنه الحزب لحظة استخدامه، واللافت أنه حتى داخل الحزب كان هناك أشخاص معدودون يعرفون بوجود هذا الصاروخ، وهنا ظهرت درجة سريّته التي تميّز بها واعتُبرت من أبرز نقاط قوته، بالإضافة الى القدرة على السيطرة واستمراره في إطلاق الصواريخ والمحافظة على خطوط إمدادها، وإستثنائية مقاتليه ومستواهم العقائدي والتدريبي العالي، بالإضافة الى معرفته التفصيلية عن «الإسرائيلي»، ما يدل على قوة الحرب المخابراتية، أما إعلامياً فلم يستطع «الاسرائيلي» إسكات صوت المقاومة، وبالنسبة للعلامة الفارقة في الحرب والتي حفرت عميقاً في الذاكرة، كان قصف البارجة الحربية العسكرية «الاسرائيلية» «ساعر5» ، والتي أظهرت حينذاك التنسيق بين غرفة عمليات القيادة والمجاهدين والأمين العام والإعلام.
 
أما الأهم، أنه وبحسب كلام متداول في الأوساط العسكرية، أنه من عام 2006 استطاع مجاهدو المقاومة الإسلامية الدخول الى بعض مواقع العدو في الداخل المحتل بهدف إجراء «test» لأي حرب مقبلة، خطة موجودة لدى المقاومة أكدها السيد نصرالله في ذكرى القادة الشهداء عام 2011، عندما قال للمجاهدين: «كونوا مستعدين ليومٍ إذا فُرضت فيه الحرب على لبنان قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل».
 
تعاظم قدرة المقاومة تعرفه «اسرائيل» تماماً، حتى أن حزب الله قصد إظهار هذه القدرة قولاً، من خلال إعلان الأمين العام امتلاك المقاومة الصواريخ الدقيقة الذي هز «اسرائيل» قبل أن يستخدمها، وفعلاً من خلال إظهار القوة الجوية عبر المسيّرات في الوقت الحالي والتطور البحري، حيث ان باستطاعاته استهداف «الاسرائيلي» كما حصل عام 2006، بالإضافة الى المناورة الأخيرة التي أجراها، حيث انه أظهر إمكاناته الضخمة للعدو… هذا عدا أن «الاسرائيلي» يعتقد أن كل ما لدى ايران لدى حزب الله…
 
اللافت بكل انتصار للمقاومة في لبنان أنه كان ينعكس على فلسطين، وهذا ما يُثبت وحدة الساحات التي تتعامل على أساسه المقاومة، حيث انها كانت مقاومة وأصبحت محور مقاوم.
 
أما الحرب على سوريا التي تُعيدنا للحديث عن مقاتل حزب الله، قأحدثت عنده نقلة نوعية بحيث يمكننا القول بثقة ان المقاومة لديها مجاهدون أعمارهم ما بين ٢٢-٢٨ ، كفاءتهم القتالية والقيادية والعسكرية أهم من جنرالات في الجيشين الأميركي و»الإسرائيلي».

 
وبعد فرض المعادلة الإقليمية، جاءت حرب سوريا لتفرض معادلة دولية، حرب احتواء المقاومة من خاصرة سوريا، حيث انتقلت من الدفاع الى الهجوم، وأظهرت بصيرتها في اتخاذ القرار واختيار التوقيت الصحيح للمعركة، والتمكُّن من قيادة حروب مدن كبرى ومقارعة الجيوش الحليفة التي شاركت بالدفاع عن سوريا.
 
أما الثابت الوحيد على اختلاف أنواع الحروب مع «اسرائيل» بالمباشر أو بالوكالة عبر التكفيريين ، فيبقى عين المقاومة على فلسطين.
 
وفي ما يتعلق بمجتمع المقاومة الذي يفوق التوقعات عند كل معركة، وبخاصة في حرب تموز، حيث اكتشفت المقاومة شعبها في تلك الحرب، وقال السيد نصرالله عنهم آنذاك «أن يد الله ربطت على قلب الناس»، فكان مجتمعاً رافعاً لمقاومته، وأكثر من ذلك بات اليوم تُعلَّق عليه آمال كبيرة حتى على مستوى الإقليم. المجتمع الذي بدأ بمجموعة مقاومين، ومن ثم مقاومين مقبولين بالمجتمع، لمقاومين معترف بهم بالمجتمع والدولة، وصولاً لمجتمع مقاوم.
 
بعد الحرب العسكرية جاءت الحرب الاقتصادية، وفي ظل استمرارها تصدّرت حرب النفط والغاز المشهد، وبخاصة أن هذا الملف مفتوح وله علاقة بتوازنات دولية وإقليمية، ويتخطى موضوع الترسيم للإستخراج ليأخذ لبنان حقه ويستفيد منه، وإذا لم تستطع السلطة أخذه ستتولى المقاومة المهمة، حيث أرسلت رسالتها الأولى عبر المسيّرات فوق حقل كاريش… خطوة أولى تتبعها خطوات أخرى مرتبطة بمسار الملف…
 
مَن ينظر الى المقاومة في لبنان يلمس إنجازاتها في نهاية كل مرحلة، مدرسة استثنائية بكل ما للكلمة من معنى، تجربتها تتحدث عنها من البدايات وحتى يومنا هذا.
 
سنوات من العمل الجهادي أثمرت نصراً وعزاً وكرامة، حتى أصبحت المقاومة في لبنان قوة ونموذجا في الإقليم ذا تأثير دولي.

الديار


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى