اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

اجتماع عمّان الوزاري: «خليّة عمل» عربية لمكافحة المخدرات

علاء حلبي

في إطار المبادرة العربية، وما تبعها من اتفاقات سورية – أردنية – عراقية – لبنانية، عَقد وزراء داخلية الدول الأربع اجتماعاً طويلاً في العاصمة الأردنية، عمّان، بهدف تأسيس «خلية عمل» مشتركة للتصدّي لملفّ المخدرات، أحد أبرز الملفّات الشائكة التي تعانيها المنطقة، وتشكل سوريا فيها عقدةً رئيسة، بفعل الحرب التي خلقت فراغاً أمنياً في هذا البلد، ووفّرت مساحةَ عملٍ آمنة لشبكات صناعة وتهريب المواد المخدرة، وخصوصاً «الكبتاغون».

وجاء الاجتماع الرباعي بعد نحو شهر من اندلاع سجالات سياسية، على إثر قيام طائرات أردنية بقصف مواقع في درعا والسويداء، ما تسبّب بمقتل نحو 10 أشخاص معظمهم من النساء والأطفال، لتردّ الخارجية السورية ببيان آنذاك، عبّرت فيه عن أسفها لِمثل هذه الإجراءات، التي قالت إنها «لا تنسجم مع ما جرى الاتفاق عليه في اللجان المشتركة بين الجانبَين، حول التعاون المخلص لمكافحة الانتهاكات، وعصابات التهريب والإتجار بالمخدرات».

ونوّه البيان إلى أن الرسائل التي وجّهها وزيرا الخارجية والدفاع ومسؤولو الأجهزة الأمنية السورية لنظرائهم الأردنيين، والتي أبدوا فيها استعدادهم للتعاون، لم تلقَ استجابةً من الجانب الأردني، مذكّراً بتدفّق المسلّحين من الأردن إلى الأراضي السورية، وما نجم عن ذلك من تفاقُم لأزمة المخدرات.

وبالعودة إلى الاجتماع، أعلن وزير الداخلية السوري، اللواء محمد الرحمون، بعد لقائه مع نظرائه: الأردني مازن الفراية، والعراقي عبد الأمير الشمري، واللبناني بسام مولوي، أنه جرى الاتفاق على التنسيق بين هذه الدول والتواصل بشكل مباشر، وتشكيل خلية من ضباط إدارات مكافحة المخدرات في البلدان الأربعة، بحيث يكون هناك تحرّك آني في حال ورود أيّ معلومات.

من جهته، أشار وزير الداخلية الأردني إلى أن «خلية الاتصال ستساهم في تبادل الخبرات والتدريب والقدرات ومتابعة المعلومات، سواء السابقة أو اللاحقة، والتسليم والمراقبة، أي تتبّع الشحنات الخارجة من الدول إلى وجهتها النهائية».


ويُعدّ اللقاء الوزاري الجديد، الخطوة الثالثة من نوعها، بعدما استضافت عمّان اجتماعاً خماسياً على مستوى وزراء الخارجية، شاركت فيه مصر والسعودية والعراق والأردن، في أيار من العام الماضي، وتبعه الإعلان عن مبادرة عربية للحلّ في سوريا، تضمنت بنداً حول مكافحة المخدرات، إلى جانب العمل على عودة اللاجئين والنازحين، وإعادة تفعيل مسار الحلّ السياسي الأممي (اللجنة الدستورية). وإذ حالت عقبات كثيرة دون المضيّ قُدماً في معظم الملفّات، فإن ملفّ المخدرات شهد خطوة نحو الأمام، باجتماع استضافته عمّان على المستوى الأمني والعسكري، في شهر تموز من العام الماضي، شارك فيه من الجانب الأردني، رئيس هيئة الأركان اللواء يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات اللواء أحمد حسني، ومن الجانب السوري، وزير الدفاع العماد علي محمود عباس، ومدير المخابرات العامة اللواء حسام لوقا.

كما زار وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، سوريا لبحث الموضوع نفسه. وفي وقت لاحق، أعلنت وزارة الداخلية السورية، أكثر من مرّة، شنّ حملات ضدّ عصابات تعمل في تصنيع وتهريب المخدرات، في درعا والسويداء.


وفي وقت يشكّل فيه ملفّ المخدرات أحد أبرز ملفات التعاون العربي، فهو يُعدّ إحدى المظلات التي تبرر بها القوات الأميركية وجودها في سوريا، إلى جانب «محاربة داعش». وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سوريا على خلفيته (قانونا كبتاغون 1 و2)، كما قامت بتسويق الفصائل التي تديرها في منطقة التنف، حيث تتموضع أكبر قاعدة أميركية في سوريا، على أنها جزء من قوات حراسة الحدود. كذلك، حاولت فصائل السويداء المحلية استثمار هذا الملفّ، عبر بيان طويل أعلنت فيه استعدادها للتعاون مع الأردن، قبل أن يأتي الاجتماع الجديد ليشكل دفعة للمبادرة العربية، وخصوصاً أن العمل الأمني هذه المرّة رباعي، وتشارك فيه الدول الأكثر تضرّراً.


وفي سياق متّصل، أعلن الأردن، بعد ساعات من عقد الاجتماع، مقتل خمسة مُهرّبين، وإصابة أربعة آخرين، وضبط كميات كبيرة من المخدّرات لدى محاولة تهريبها إلى الأردن من الأراضي السورية. ويعدّ هذا الإعلان الثاني من نوعه منذ بداية شباط الحالي، بعدما أفيد، مطلع هذا الشهر، عن مقتل ثلاثة مهرّبين وإحباط محاولة تهريب مواد مخدرة. يشار إلى أن الأردن يشكّل، بالنسبة إلى عصابات تهريب المخدرات، ممرّاً نحو دول الخليج، المتضرّرة هي الأخرى من هذا الملفّ، في وقت حوّلت فيه الحرب سوريا من بلد عبور إلى إحدى أبرز محطّات التصنيع، إلى جانب العراق.

الأخبار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى