اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

عريضة نيابية تطالب بإقفال مكاتب مفوضيّة اللاجئين في لبنان

الديار: دوللي بشعلاني

لا يزال خطر النزوح السوري، القديم والجديد، يُلقي بثقله على لبنان الذي رغم كلّ الاجتماعات والقرارات الصادرة عن حكومة تصريف الأعمال وبعض الوزارات المعنية، التي تعمل الأجهزة الأمنية والإدارية على تطبيقها، وعلى استصدار استنابات قضائية ضد عدد من النازحين السوريين في جميع المحافظات والمناطق اللبنانية، غير أنّ هذه التحرّكات لا تزال غير كافية، إذ لم تتمكّن أي من الجهات حتى الآن من إيجاد حلّ فوري وسريع لوقف هذا النزف، الذي قد يؤدّي بلبنان الى فقدان كيانه ووجوده، واستبدال شعبه بشعوب الدول المجاورة.


أمّا مقولة أنّ “لبنان مش للبيع” التي أطلقها وزير الداخلية والبلديات بسّام المولوي أخيراً، فتحتاج الى خطة سياسية شاملة وحاسمة توقف النزوح السوري الثاني فوراً، وتضع حدّاً للنازحين السوريين المتهمين بجرائم خطيرة، وتُنهي أعمال جميع السوريين غير الشرعية في لبنان، والتي باتت تفوق أعمال اللبنانيين بكثير، لا سيما في البلدات البقاعية والشمالية الحدودية.

في الوقت نفسه، لا تزال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ترفض تسليم “داتا” النازحين السوريين في لبنان الى الحكومة اللبنانية، والتي لا تشمل، بحسب أرقامها، سوى بيانات 795 ألف نازح سوري فقط. في حين أصبح عدد النازحين السوريين في لبنان، وفق الإحصاءات الأوّلية، أضعاف أضعاف هذا الرقم، إذ يصل عددهم الى أكثر من مليونين و800 ألف نازح.

وفي ظلّ استمرار مفوضية اللاجئين على نهجها غير المتعاون مع الدولة اللبنانية، في الوقت الذي يجب عليها احترام قوانين ودستور البلد المضيف لها كمنظمة دولية، فإنّه يحقّ لوزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة استدعاء ممثّل مكتب المفوضية في لبنان إيفو فرايجسن، وسؤاله عن أسباب عدم تجاوبه مع مطالب الحكومة اللبنانية، وعدم تزويدها حتى الآن ببيانات النازحين السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية، لا بل العمل خلافاً لما ينصّ عليه القانون اللبناني، من خلال إصدار المفوضية إفادات سكن لهم خلافاً للقانون، ما يُسهّل عليهم الحصول على الإقامة والعمل وغير ذلك من الأمور المتعلّقة بالنازحين والتي على المفوضية توضيحها.

وفي حال إصرار مفوضية اللاجئين على عدم التجاوب، لا بدّ من تحذيرها، والتلويح بطردها من لبنان، وإقفال مكاتبها فيه. غير أنّ بو حبيب لم يلجأ بعد الى مثل هذا التعاطي معها، ولا يزال ينتظر أن تقرّر أن “تتحنّن” على لبنان بـ “داتا” النازحين التي لم تكن لتحصل عليها لولا وجودها على الأراضي اللبنانية، ولولا “إغراء” النازحين بتقديم المساعدات الشهرية المالية لهم. علماً بأنّ كلفة النزوح السوري حتى الآن قد تعدّت الـ 47 مليار دولار، والتي لم يساهم فيها المجتمع الدولي والمنظمات الدولية فيه سوى بـ 13 مليار دولار فقط، فيما الأرقام الأخرى تكبّدتها الدولة اللبنانية الواقعة في العجز المالي منذ سنوات، لا بل منذ عقود.

والخشية العارمة من تزايد أعداد النازحين السوريين، وأن يُصبحوا بعد سنوات أكثر من عدد سكّان لبنان، والتي لم تواجهها بعد بجديّة الدولة اللبنانية، دفعت بعدد من النوّاب في البرلمان الى العمل على وضع وتوقيع عريضة تدعو الى إقفال مكاتب المفوضية في لبنان كردّ على ما تقوم به في لبنان، من دفع رواتب للنازحين السوريين الجدد غير المسجّلين على لوائحها، لتشجعيهم على البقاء في لبنان (بقيمة 300 دولار شهرياً)، على غرار ما تفعل مع النازحين القدامى، رغم قرار رفض دولرة هذه المساعدات من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، ومن منحهم إفادات سكن، فيما عملت في السابق على تسجيل الولادات السورية لحديثة في لبنان بهدف منحهم الجنسية اللبنانية، كما على ما يقوم به المجتمع الدولي، لا سيما الدول الأوروبية والولايات المتحدة الاميركية، من تعنّت تجاه أزمة النازحين السوريين في لبنان، ورفض التعاون مع الحكومة اللبنانية من أجل إعادتهم الى بلادهم، رغم انتفاء السبب الرئيس للنزوح وهو الهروب من الوضع الأمني غير المستقرّ خصوصاً مع عودة الهدوء الى 90 % من المناطق السورية منذ سنوات.

وعن إمكان أن يواجه لبنان “حرباً” دولية سياسية وديبلوماسية عليه، جرّاء إجراء كهذا في حال لجأت الحكومة الى اتخاذه وفق طلب النوّاب، (وهي لم تقرّر القيام بمثل هذا الأمر حتى الساعة)، رأت الأوساط الديبلوماسية نفسها أنّه ليس على الحكومة أن تخشى من أي شيء، ما دامت تتسلّح بالدستور والقوانين. فالقانون اللبناني يعطي الدولة صلاحية إقفال مكاتب أي منظمة لا تمتثل ما ينصّ عليه. ويجب بالتالي متابعة إصدار القرارات التي تضيّق عمل وسكن النازحين السوريين في لبنان، الأمر الذي يجبرهم على العودة الى بلادهم.


أمّا العريضة فيمكن إصحابها بالتقارير الأمنية الأخيرة التي تتحدّث عن وجود 30% من المجرمين في السجون اللبنانية من النازحين السوريين المرتكبين لجرائم خطرة مثل الاعتداء الجنسي والتحرّش وترويج المخدرات الى جانب النشل والسرقة وحتى القتل. فمثل هذه الجرائم لا يمكن لأي بلد أن يسكت عنها، كونها تُشكّل خطراً على استقراره الداخلي، سيما إذا ما كان يرتكبها أشخاص يستضيفهم على أراضيه كنازحين، فضلاً عن أنّ السجون باتت مكتظّة جدّاً ولم تعد تتسع لهذا العدد الكبير من مرتكبي الجرائم.

وأشارت الاوساط الى أنّ خشية بعض المسؤولين من وقف المساعدات للبنان، أو تضييق الخناق والحصار عليه، أو فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية، لا يجب أن تُشكّل أي عائق أمام التصرّف بديبلوماسية والمطالبة بحقوق لبنان واللبنانيين، لأنّه لن يحدث أكثر ممّا يعيشه لبنان اليوم. فاستدعاء ممثل المفوضية يمكن أن يحصل، ويجري خلاله التحقيق معه، في كلّ أعمال المفوضية المشروعة وغير المشروعة لوضع النقاط على الحروف.

وتقول الاوساط انّ صوت تركيا والأردن من تفاقم أعداد النازحين في كلّ من البلدين قد علا أخيراً، ولم تتمّ معاقبة أي منهما من قبل المجتمع الدولي، بل جرى إخراج النازحين السوريين من جميع المناطق الداخلية، ووضعوا في مخيمات حدودية، ولا يزال المجتمع الدولي يقدّم لهم المساعدات حيث هم. على أنّ هذه المساعدات تصل الى الحكومتين التركية والأردنية، وليس الى الجمعيات غير الحكومية ومفوضية اللاجئين، كما يحصل في لبنان الذي يستضيفهم كدولة مقابل “لا شيء”.. في الوقت الذي طالب فيه ملك الاردن عبدالله الثاني بأنّه لا بدّ من عودة النازحين السوريين الى بلادهم، لأنّه لم يعد قادراً على تحمّل الأعباء المتراكمة جرّاء استضافته لهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى