اخر الاخبارمقالات وقضايا

الصواريخ “اللقيطة” في قانا والعرقوب: رسائل مشفرة (تقرير حسين سعد)

صواريخ غراد غير “معدّلة”، حسب المصطلح العسكري، أُطلقت في وضح نهار الأربعاء من منطقة تسمى الجبل الكبير، قرب بلدة قانا الجنوبية، باتجاه شمال فلسطين المحتلة، متخطية أكثر من عشرة كيلومترات. وهو مدى هذا النوع من الصواريخ السوفياتية التي يبلغ مداها الأقصى عشرين كيلومتراً، والتي لطالما كانت تستخدم قبل العام 1982 بشكل كبير من قبل منظمات فلسطينية ولبنانية، محاولة قصف المستوطنات الاسرائيلية في شمال فلسطين. وقد استخدمها حزب الله أيضاً في مراحل حروبه مع اسرائيل.

لا خيط رفيعاً
هذه الصواريخ “الصدئة” المخبأة في أماكن مختلفة من الجنوب والبالغ طولها أكثر من مترين بقليل، والتي تخرج فجأة مع كل تطور وحدث عسكري كبير في الداخل الفلسطيني، كرسائل أمنية مشفرة، يفككها أطراف الصراع على جانبي الحدود.. أصبحت عبئاً، إذا ما استمر مسلسل إطلاقها بهذه الطريقة المريحة، وعلى امتداد الجنوب من سهل القليلة قرب صور وصولاً إلى منطقة العرقوب، وقانا اليوم، خصوصأ وأنها في الدفعتين الأخيرتين من محيط قانا–صديقين والعرقوب استدعت رداً مدفعياً إسرائيلياً متماهياً مع حجم ضرر الصواريخ ومطلقيها، فلم يتعد أصابع اليد الواحدة. وبالتالي، لا يمكنها أن تسبب حرباً، لا سيما وأن الطرف الرئيسي في المعادلة (حزب الله)، ليس بوارد المبادرة إلى  فتح حرب مع إسرائيل على الجبهة الجنوبية، وإن كان مستعداً لها، كما أعلن مراراً أمينه العام السيد حسن نصرالله.

حتى اليوم، وعلى وقع رسائل التضامن مع غزة المتمثلة بالتظاهرات والوقفات الاحتجاجية والاستنفارات على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية، وقد تعمدت بدماء أحد المتظاهرين المنتمين إلى الحزب (محمد طحان)، لم يتم الإعلان عن خيط -ولو رفيع- يتعلق بهوية المجموعات التي تنقل وتطلق الصواريخ في بقعة جغرافية كبيرة يوجد فيها انتشار عسكري وأمني كبير للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وحزب الله.

المسلسل القديم
تتحدث مصادر ميدانية في الجنوب لـ”المدن”عن جرأة منفذي إطلاق دفعات الصواريخ واختيارهم لأماكن عديدة مكشوفة نسبياً، مخلفين وراءهم صواريخ لم يتسنَّ إطلاقها في البقعة ذاتها. وغالباً ما يتم العثور عليها لاحقاً من قبل الجيش اللبناني مع أدوات الإطلاق (المنصات سريعة التركيب). وهذا ما حصل في كل من سهل القليلة والعرقوب ومحيط قانا- صديقين، حيث يجمع الجيش كل الأدوات المستخدمة في عمليات القصف. وتؤكد المصادر إن قدرة مطلقي الصواريخ على النفاذ والتواري، تعود إلى استخدام آلية إطلاق مزودة بتوقيت زمني يتحكمون فيه، يكونون في الأثناء قد تجاوزوا كل المنطقة قبل انطلاق الصواريخ.

وفي كل مسلسل إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، وعلى مدى سنوات طويلة، توجه أصابع الاتهام إلى منظمات فلسطينية صغيرة أو حتى أفراد. ولكن ذلك يبقى من دون دليل حاسم.

وتجزم القوى الفلسطينية المؤثرة (حماس – الجهاد الاسلامي وفتح وغيرها) بأن “خوض المعركة مع الاحتلال الاسرائيلي واضح كوضوح الشمس في غزة، والمقاومة هناك تسطّر أروع الملاحم والبطولات. وكل ما تقوم به هو في العلن وأمام مرآى العالم، وليس للمقاومة الفلسطينية أي مسؤولية إطلاقاً في مسألة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، فهي ربما تعبر عن رغبة مطلقيها بالتضامن مع أبناء غزة، فيما يعبّر آخرون عن تضامنهم من خلال التظاهرات والوقفات التضامنية على الحدود”.

وهكذا تبقى تلك الصواريخ “لقيطة”، أو ربما هي حسب تعبير مسؤول بحزب الله “صواريخ متهورة”، وقد تكون في المعنى الأخير رسائل مشفرة، تعبر فوق رؤوس أهل الجنوب، الذين يتحسبون هذه الأيام للسيناريوات الأسوأ. 

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى