اخر الاخباربريد القراء

“قواعد الاشتباك” فرضت خسارة “مؤجلة الاعلان” لمعركة الاحتلال في غزة والشمال مع لبنان .. | وفاء بيضون

كتبت الإعلامية وفاء بيضون

ثمة علامات استفهام وتعجب ترتسم حول مسار المواجهة بين المقاومة في لبنان وجيش الاحتلال على الحافة الأمامية مع فلسطين المحتلة .
وثمة محطة يمكن التوقف عندها أكان لجهة تطوير معايير المواجهة النارية من قبل المقاومة بما يتناسب مع واقع معركة الإشغال والضغط، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى سيناريو الاحتلال التدريجي الذي بات مكشوفا لحد اللحظة أنه غير قادر على توسيع الحرب أو أنه عاجز بالأحرى عن خوض حرب على جبهتين في غزة وشمال فلسطين ما يرتب أولى إشارات العد العكسي لهزيمة الاحتلال في الحربين الفلسطينية واللبنانية .

نستدرك ونفهم خطط العدو من خلال التعمق في نفسيته الميدانية المرتبطة بوقائع الخسائر التي يمنى بها ، وقراءة تصرفاته على أساسها.

إذا انطلقنا في قراءتنا من علم الجنايات ، التي دائمًا ما نضع أنفسنا مكان المجرم أو الضحية، نتلبّس لبوسه، ونتقمص شخصيته، وندخل تحت جلده، ونفكر مثله، ونتجاوب مع نفس المعطيات والظروف التي مر فيها، في الزمان و المكان المحددين، لنستطيع فهم تصرفاته، وأسباب أفعاله، وتحليل ردة فعله الشخصية عليه وهذا في القراءة الشمولية .
أما في البحث الخاص عن مكامن خلل العدو وضعفه وعنصر قوة المقاومة وإمساكها بزمام المعركة في الجانبين اللبناني والفلسطيني نرى أنه بعد السابع من تشرين الأول الماضي ” أكتوبر ” ، طويت صفحة من التاريخ، كان فيها العدو جيشا لا يقهر، وبعبعا مخيفا داخليا وإقليميا.

ثم تدحرجت الأمور سلبا للكيان الموقت، فخسر تدريجيا مصداقيته كقاعدة متقدمة للغرب في شرق المتوسط ، وخسر في آن معا أكذوبة عمل بجهد وكدّ على بنائها لسنوات، إنه واحة للديمقراطية في بحر من الديكتاتوريات المحيطة، وملتقى علمي، ثقافي واجتماعي ديني، ومثالا يحتذى به لدول الجوار .

ما يقرب من الشهرين على الإبادة الجماعية لأطفال ونساء وشيوخ غزة، هذا عدا التدمير الممنهج لكل مقومات الحياة وبنيتها التحتية وما رافقها من حملة شعواء عنصرية ضد أهل فلسطين في القدس والضفة، لم يتوقف رحاها حتى هذه الدقيقة. من هنا يذعن الاحتلال إلى صفقات تبادل الأسرى مع المعتقلين تعسفا، التي ساهمت إيجابا في هدنة مؤقتة بين المحتل وابن الأرض. ليتبين أن وحدة الساحات في محور المقاومة من اليمن الى العراق ولبنان والأراضي المحتلة نشاهد أن المقاومة أدارت المفاوضات، بحنكة سياسية بارزة من حيث تقسيم الأسرى الى مجموعات أربعة:

-المجموعة الأولى، التي كانت عبارة عن عمال أجانب وحملة جوازات دولية .

  • المجموعة الثانية عجائز ونساء وأطفال . -وفي المجمو عة الثالثة والرابعة تبقي المقاومة كلمة سر التفاوض رهن الميدان ومعطيات تطور الجبهات التي لم تكتمل بعد وهي قتلى الاحتلال وصولا إلى الجنود والضباط الصهاينة .
    نجد أن خوضاً متناسقا بين جبهات المحور من الداخل والخارج خاضت لمعركة تفاوضية شرسة، بين عدو مأزوم داخليا وخارجيا، على كل الصعد العسكرية والسياسية والاجتماعية، وبين مطالبها: “تبييض سجون الاحتلال، رفع الحصار، وقف إطلاق النار، إعادة الإعمار، فتح المعابر وحتى تأمين خط تواصل بري مع الضفة الغربيّة” .

وبالتالي انتهت المقاومة من المجموعات الأولى والثانية من الأسرى لديها، وقد حان وقت رفع السعر والمطالبة بالمزيد من التنازلات.

مصادر الاحتلال تتحدث عن اشتباك سياسي بين أقطاب الكابينت من جهة وباقي الحكومة من جهة اخرى عن رفض العدو حتى الآن، الذهاب نحو تنازلات كبيرة، لأسباب عديدة منها :
-” على الصعيد الشخصي، رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو وحكومته وقياداته العسكرية والمخابراتية، يعرفون أنّ نهاية الحرب تعني نهايتهم الشخصية حكما، إما السجن وإما الموت كما حصل مع اسحق رابين” .
-“على الصعيد السياسي حكومة أكثريتها من متطرفين صهيونيين. غير قادرة على التراجع عن الثوابت والأساسيات التي تحملها فكريا ودينيًا وسياسيًا”.
-“على الصعيد الاجتماعي هنالك انقسام مجتمعي حاد بين المتطرفين والمعتدلين، ولكن الأهم هو خوف المستعمرين المدنيين من العودة الى محيط غلاف قطاع غزة والشمال الفلسطيني على الحدود اللبنانيّة، وهو عامل أساسي، لا يحل إلا بالقضاء على مسبباته”.
هذا بالإضافة إلى عامل الهجرة المعاكسة في حال فشل رواية حكومة الاحتلال على تأمين العنصر الأساسي لوجود الكيان، أي القدرة على السيطرة والاستعمار والتوسع، مع الحفاظ على التفوق العسكري.
-“اما على الصعيد الإقليمي لقد سقط مفهوم الدولة القوية المسيطرة، وهذا يعني في نتائجه القريبة سقوط لمفهوم كل اتفاقيات السلام والخنوع من أوسلو الى وادي عربة وصولًا للإبراهيمية أي اتفاقات أبرهام التطبيعية مع العرب . وهذا يشكل نتيجة أخرى وهي أنه على

  • “الصعيد الدولي تنتفي الحاجة لمستعمرة وقاعدة عسكرية متقدمة في الشرق، ركيكة هزيلة البنيان.

فإذا ما وضعنا الانفعالات العاطفية جانبا. نرى أن ما يحدث اليوم ليس النهاية، بل هو بداية النهاية، ومن الأرجح سنذهب نحو تصعيد وعنف وتوتر جديد سيشمل أكثر من جبهة و أكثر من منطقة. وهذا ما يخشاه الغرب واميركا .
إن كيان الاحتلال وبعد وضع نفسه في فم حوت المقاومة ورهين معادلتها وقواعد اشتباكها فإنه يكابر بعدم اعترافه بهزيمته داخل فلسطين واستنزافه الدموي لجنوده على الحدود مع لبنان إلا أن الحقيقة التي سيفصح عنها توقف صوت المدافع انه اسرائيل باتت مأزومة تتآكل من كل جوانبها وهي لم تعد صالحة لتحقيق مصالح الغرب الذي يستند دائما على معادلة القوي وليس الضعيف .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى