اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

بين رفض الحوار ورفض التنازل: رهانات مستمرة وشعبوية خطرة

ماهر الخطيب

على الرغم من التركيز على دور الجهات الخارجية في الملف الرئاسي، لا سيما مع وجود أكثر من مبادرة على هذا الصعيد، إلا أنّ الأساس يبقى مسؤولية الأفرقاء اللبنانيين، الذين لم يخرجوا من دائرة إنتظار الطروحات التي تهبط عليهم من خارج الحدود، على وقع رفضهم الذهاب إلى معالجة داخليّة، بالرغم من كل المخاطر التي تحدق بالبلاد، خصوصاً تلك المتعلقة بأزمة النزوح السوري، المرشّحة إلى المزيد من التصاعد في الفترة المقبلة.

بناء على ذلك، يصبح من المنطقي أنّ مفتاح الحل هو بيد الجهات الخارجيّة المؤثرة في الملف اللبناني، الّتي على ما يبدو غير مستعجلة، نظراً إلى إنشغالها بما هو أكثر أهمّية، لا سيما أن لبنان بات ينظر إليه على أساس أنه ورقة مساومة، الهدف منها تحقيق مكاسب في أماكن أخرى.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر “النشرة”، إلى أن تصلب الأفرقاء المحليين يعود إلى عدم وضوح صورة المشهد على المستوى الإقليمي، ما قاد إلى إصطدام الجهود القطرية بحائط مسدود بالرغم من التأكيدات بأنها مستمرة، في حين كانت المبادرة الفرنسية، في نسختها الأولى، قد سقطت مع إعلان الموفد الفرنسي جان إيف لودريان ضرورة الذهاب إلى الخيار الثالث، أيّ من خارج دائرة رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، المدعوم من قبل قوى الثامن من آذار، والوزير السابق جهاد أزعور، الذي تم التقاطع على ترشيحه بين الكتل المعارضة و”التيار الوطني الحر”.

بالنسبة إلى هذه المصادر، المعادلة الراهنة تقوم على أساس رفض القوى المعارضة الذهاب إلى الحوار مع قوى الثامن من آذار، قبل أن تبادر الأخيرة إلى سحب ترشيح فرنجية، بينما هذه القوى تؤكد، في كل يوم، إستمرار تمسكها بترشيح رئيس تيار “المردة”، وحتى الساعة لا يبدو أن أياً منهم في وارد التراجع، كي لا تفسر خطوته على أساس أنها إنتصار للفريق الآخر، بعد أن كانت السقوف العالية قد رفعت منذ ما قبل الدخول في الشغور الرئاسي، بعد إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.

إنطلاقاً مما تقدم، يمكن الحديث عن أن أساس الأزمة الرئاسية يكمن بإستمرار الأفرقاء اللبنانيين بالرهان على المتغيرات الخارجية، حيث هناك من يعتبر أنها ستقود إلى تعزيز أوراق فرنجيّة، بينما يرى أفرقاء آخرون أنها ستدفع القوى الداعمة له إلى التراجع، بينما لا يملك أحد القدرة على تحديد المدى الزمني الذي من الممكن أن تظهر خلاله هذه المتغيرات.

في الفترة الفاصلة، توضح المصادر النيابية المتابعة أن غالبية القوى السياسية تتبنى إستراتيجيتين في التعامل مع الإستحقاق الرئاسي: الأولى هي التركيز على الخطاب الشعبوي الخطر، لدى التطرق إلى بعض الملفات الضاغطة، أما الثانية فهي السعي إلى إحراق أسماء بعض المرشحين المحتملين، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

بالتزامن، تلفت إلى وجود من يطرح أن كسر حالة المراوحة القائمة لا يمكن أن يتم من دون توفّر أحد الشرطين التاليين: حصول تحوّل على المستوى الإقليمي يقود إلى التوافق على مرشّح رئاسي، بدل إكتفاء الجهات المؤثّرة بدعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى التوافق، بينما هي تدرك أنهم يعجزون عن ذلك، أما الثاني بروز تطور كبير على المستوى الداخلي، يدفع بعض الجهات المحلّية إلى تقديم تنازلات، أو القوى الخارجيّة إلى رفع وتيرة الجهود التي تقوم بها.

في المحصّلة، ترى المصادر أنه لا يمكن تجاهل نوعاً آخَرَ من الخيارات الخارجية التي قد تظهر، بعيداً عن المبادرات التي تقوم على أساس الوساطة أو ترك البلاد ضمن دائرة الإنتظار، يتمثل بالتهديدات المتكرّرة بالذهاب إلى رفع منسوب الضغوط، التي يعبر عنها بالإشارة إلى إمكانيّة فرض عقوبات على المعرقلين، بالرغم من علامات الإستفهام حول الجدوى من ذلك، لا سيما لاعتبار البعض أنها قد تؤدي إلى تعقيد الأزمة بدل معالجتها.

النشرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى