اخر الاخبارمحلياتهام

الفنانة التشكيلية فريال فياض

اعداد أنطوان فضّول


خرجت على الرتابة بحوار شفاف مع الضوء، أرادت من خلاله أن تترجم ثورة تتأجج في أعماق وجدانها، على واقع إنساني ينحو نحو المأساة المستدامة.
لا عجب أن تحتجب همسات القلق تحت لمسات الأمل عندها. فلوحاتها ذات رؤية تعرف لحظة تفجرها، لكنك، حتمًا، لا تدرك أبعادها إلا بعد غوصٍ مغمور في كل خلية من خلاياها.
سرّها أنها ليست رقعة ألوان ومساحة ضوء وقماشة تشكيل فني.
إنها سيمفونية صاخبة لأصداء تأتي من تمرد دفين في أعماقٍ يزداد عمقُها كلّما احتجب خارجها فجرُ الأمل وضاع الغد في ضبابية الوحدة.
حتى في رومنسيتها تبدو دائمة العذرية.
إن رسمت عشقًا تجسدت الخطوط رقصًا وإيقاعًا، في سكرةِ لَفْحَةٍ خمرية، ومع سُكنى دفء سرمدي.
لوحاتها خريطة جينية لطفولة تعيش مخاض التفجر الكبير.
تقف أمامها، فإذا بك أمام لحظة القبل والبعد.
تشعر بتحول يلامس كل الكيان.
تتفتح عيناك على حقائق تعيشها ولم تكن تفهم مسارها.
ينتابك شعور بالإنتصار على ضعفٍ وعلى انهزام.
تزدحم الأحداث في اللوحة وكأن كل ما في العالم يتقمص جزيئياتها.
وفي برهة تستوعب كل ما يجري من حولك وتفكك أحجياتِ كل الأسرار والألغاز.
غابة من أنوار متعانقة ومتحابة رغم تصادمها.
لكأنك ملك عثرت على مملكتك.
فهي تكشف لك مهجع راحتك وسكينتك.
وهي ترسمك سيدًا نبيلاً منزهًا عن كل فساد وظلم متفشيين في العالم.
أجل إنها سيمفونية حياة تعزفها فريال فياض فتنعش عالمنا المتصحر بندى أصدائها.
واكبَتِ الفن التشكيلي العالمي ومسحته بمسحة لبنانية، مشبعة بثقافة، مزجت بين روحية الغرب وقساوة الشرق.
بعد أن استقبل مركز كامل يوسف جابر الثقافي الاجتماعي في النبطية، في السنة 2008، مجموعة من لوحاتها في أول معرض خاص لها بعنوان “ألوان جنوبية”، تلاحقت معارضها واستقطبت متذوقي الفن التشكيلي.
ومع توالي المعارض نسجت هويتها واكتمل مسارها.
لم تتردد في المشاركة في معارض جماعية وفي سيمبوزيومات انتظمت على مساحة الوطن مدفوعة بقناعة راسخة من أن الفن التشكيلي يتغذى بتنوعه وينمو بتقاطع مدارسه.
لوحاتها الصاخبة، خطوطها تداخلت لتجسد قوة وتماسكًا وجدية في محاكاتها وقائع الحياة.
أمامها تنضج بصمت وتتحرر بقناعة وتتغلب على الإنطواء والجمود.
في حناياها تنسكب الألوان متدافعة كالحمم لتَكَوُّنٍ هيولي الشكل.
تقتنص فريال فياض الحدث الواقعي فتتدخل في حركته وتقطفه لوحة، تضعه في إطار، وتتركه يتفاعل مع من يتأمله، فيرتدي ثوب الفصول وفق مزاجية المتأمل. فإذا باللوحة تارة حارة وطورًا باردة، تارة قريبة وطورًا بعيدة.
صخب ألوانها، كثافة مادتها، غناها، دفؤها… كل ما فيها يدعوك للمغامرة والإبحار في عواصفها.
لكنها ستكون المغامرة الأكثر أمانًا في حياتك.
فهي تدرك هول العاصفة التي تجتاحك لكنها تعرف أيضًا، كيف ترسم المسار ووجهة السير والطريق إلى تلك الجزيرة الهانئة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى