اخر الاخبار

مرافعة سلامة.. تبرئة لنفسه ام تسجيل نقاط في ملعب الحكومة؟

هتاف دهام

أما وقد فند حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في مؤتمر صحافي ظهر اليوم بالارقام والمستندات، حقيقة الوضع النقدي ودور البنك المركزي طوال السنوات الماضية والتزامه قانون النقد والتسليف وتمويله الدولة، داعياً المؤسسات دستورية والإدارية إلى مهمة الكشف عن كيفية الإنفاق، وعارضاً لبعض أرقام ميزانية المركزي، وكيفية تعاطيه مع الأزمة، جازماً عدم الاقتطاع من الودائع على قاعدة أن لا ضرورة أبداً لاعتماد الهيركات، فإن القراءة الأولية تدل، بحسب ما يؤكد الخبير الاقتصادي والمالي وليد أبو سليمان لـ” لبنان24″ على أنّ حاكم مصرف لبنان حاول الدفاع عن نفسه.
 
فما قدمه أشبه بمرافعة دفاعية من خلال إلقاء اللوم على السلطة السياسية بفعل اعترافه بتمويل الدولة اللبنانية التي حمّلها مسؤولية الهدر والفساد مستنداً إلى المادتين 91 و96 من قانون النقد والتسليف، معتبراً أنّه احترم القوانين من خلال عودته إلى وزير المال بواسطة مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان وموافقة المجلس المركزي الذي يضمّ مدير عام وزارة المال كممثل عنها، في ما يخصّ كل اعتماد يتخطى الـ150 مليون ليرة.
 
برأ سلامة نفسه من أي تهمة بإخفاء الأرقام من خلال إشارته إلى أنّه سلّم رئيس الحكومة حسان دياب كل الحسابات المدققة، وهي نقطة ايجابية تسجل له، لكن النقطة الهامة الواجب التوقف عندها، وفق ابو سليمان، فتتمثل بتشجيعه على الانتقال من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج للتخفيف من الحاجة الى دولار الودائع لتمويل الاستيراد.
 
ثمة نقطة تقنية عرض سلامة لها وهي الـother assets  وهي تشكل نقطة خلاف بينه وبين الفريق الآخر، حيث علل أنّ هذه الأصول تعرضت لخسائر تخطت الـ40 مليار دولار، ولكن تم اطفاؤها بالـ seigniorage وهي إمكانية طبع العملة لتكون بمثابة أرباح تستعمل لإطفاء الخسائر من جراء عملية طباعة الاوراق النقدية، فاستحضر  الحاكم المركزي المقارنة بالاحتياطي الفيدرالي الأميركي والمصرف المركزي البريطاني، لكن غاب عنه، بحسب أبو سليمان، أنّ هذه المصارف المركزية حين تطبع عملة جديدة تكون خسائرها بالدولار وتطبع دولار أو استرليني. أما الغموض في الجانب اللبناني هو حجم الخسائر بالدولار وبالليرة لكي يتمكن من إطفاء الخسائر بالليرة.
 
أما بالنسبة لتحرير الودائع بالمصارف بسعر السوق للجم التضخم وعدم تحميله للمستهلك، فقد تجاهل الحاكم، بحسب أبو سليمان، أنّ هناك مستهلكين لا يملكون حسابات في المصارف وهؤلاء يدفعون ثمن التضخم الذي تخطى الـ50%.
 
وليس بعيداً، فمن النقاط السلبية أيضاً تأكيد سلامة أنّ الودائع لا تزال في المصارف، علماً أن كل اللبنانيين باتوا متأكدين أن الودائع تبخرت من المصارف، حتى لو أنّ قيودها موجودة. فهو عاد ليتحدث عن الدولار المحلي والدولار الحقيقي، والدولار المحلي هو الذي يمثل الودائع التي لم تعد في متناول يد أصحابها، يقول الخبير المالي والاقتصادي أبو سليمان.
 
لقد تطرق سلامة في مؤتمره الصحافي الى العجز الذي تخطى منذ العام 2015 حتى 2020، الـ25 مليار دولار ، متحدثا عن ميزان المدفوعات والحساب الأولي البالغ 56 مليار دولار اللذين يشكلان سويا رقم الـ80 مليار دولار التي ألمحت إليه الحكومة كخسائر، وهو بذلك رد بالتفصيل على الحكومة، مشيرا الى استيراد بقيمة 4 مليار دولار لم تدخل بضائعه لبنان، بمعنى أنها دولارات تخرج من لبنان وتقوم بتمويل اقتصاد دولة أخرى أو يتم تهريبها، وهي، بحسب ابو سليمان، مسألة خطيرة تتلخص بتضييع أكثر من 20 مليار منذ العام 2015 خرجت من الاقتصاد اللبناني، وهي مسألة تحتاج الى التدقيق.
 
أما بالنسبة للمبالغ التي تحدث عنها رئيس الحكومة حسان دياب والتي حولت الى الخارج، والمقدرة بنحو 5.7 مليار دولار، فقال سلامة إنها بلغت 5.9 مليار مؤكدا انها بقيت في الداخل وتمت الاستعانة بها لتغطية قروض بقيمة 3.7 مليار، وهناك 2.2 مليار تمّ سحبها نقديا من جانب المودعين؛ وهي أرقام تستدعي التدقيق وعلى جمعية المصارف حسم هذا اللغط.  كذلك الحال، في ما يتصل بخسائر مصرف لبنان الأخيرة والتي حددها رئيس الحكومة بحوالي 7 مليار دولار، فاعتبر الحاكم أنها مقدرة بحوالي 2.65 مليار دولار وهي عبارة عن فرق في الفوائد المسددة من جانب المركزي، هذا فضلا عن أنه تطرق الى نقطة بارزة وهي ضرورة تأمين 16 مليار دولار سنويا لكي يستمر لبنان.
 
في المحصلة دافع حاكم مصرف لبنان عن نفسه، كان تقنياً بامتياز، اعترف أن الاقتصاد الريعي يكبد لبنان خسائر ضخمة من احتياطه بالعملة الصعبة كما اعترف أيضاً بوجود سوق حرة للصرافين. وتناول مسألة “الهيليكوبتر ماني” أي التعاميم غير التقليدية لضخّ السيولة عبر القروض والتي تصل مدتها الى خمس سنوات بصفر بالمئة فائدة، معتبراً أنّ التعميم المختص بالشركات الكترونية لم يؤت بثماره.والأهم أنه اعترف بقيمة الخسائر المقدرة بحوالي 80 مليار دولار، معللا اياها بالعجز في الموازنات وبالميزان الجاري وميزان المدفوعات. ولذا حين تتوضح هذه النقاط وتنجلي الحقائق حول أسباب الخسائر والأرقام، يمكن حينها حسم النقاش حول تعرضه للافتراء من قبل الحكومة أم لا.

لبنان 24

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى