اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

مصرف لبنان يقود جوقة «التهويل» من استمرار الدعم.. والهدف؟

عاد الضغط عبر إطلاق «حملة تهويل». والحُجّة القديمة/ الجديدة أنّ «المركزي» لم يعد يملك ما يكفي من الدولارات في «حساب الاحتياط» لاستيراد المواد الرئيسية. ولكن، هل يملك أحدٌ جواباً ــــ باستثناء سلامة ــــ عن حجم «الاحتياطي القابل للاستخدام» من مُجمل «حساب الاحتياط»، حتّى يتبيّن للرأي العام إن كان «التهويل» مُبرّراً، أم أنّ الهدف منه ممارسة الضغوط السياسية؟ الجواب الوحيد الذي يملكه أعضاء المجلس المركزي، وعمّموه، أنّ المبلغ يراوح ما بين 2.6 مليار دولار و3 مليارات دولار أميركي. اللافت أن يكون الرقم شبه ثابت منذ أشهر. السبب بكلّ بساطة أنّ رياض سلامة «يخدع» كلّ المسؤولين، ولا يسمح لهم بالاطلاع على أي معلومات، حتى لو كان كشفُها حقّاً للعامة.
لا يُلغي ذلك وجود مُشكلة في شكل الدعم في لبنان، ففي معظم الدول يكون الدعم موجّهاً حتّى تستفيد منه الفئات الأكثر تضرّراً في المجتمع. في حين أنّ الدعم الشامل لكلّ السكّان، يعني لا عدالة في الاستفادة، واستمرارية لمنطق تركّز الثروة في يد قلّة على حساب الأكثرية.
مثلاً، أحد «أصحاب الثروات» في البلد، لديه مليار دولار، يملك أكثر من سيارة، وسائقاً ومرافقين له ولكل فرد من أفراد عائلته، قادرٌ على دفع ثمن المحروقات مهما ارتفع سعرها، لكنّه يستفيد من استيرادها بالسعر المدعوم. في المقابل، لن يستفيد أي شخص غير قادر على امتلاك سيّارة من دعم المحروقات، وفي الوقت ذاته، هو محروم من تنفيذ شبكة نقل عام فعّال ومُنظّم تُخفّف عليه التكلفة. المطلوب إذاً ليس أقل من إيجاد صيغة جديدة للدعم، تُصيب مُباشرةً الفئات المُتضررة، يسبقها وضع سياسات تُواكب رفع الدعم، وتوجد حلول لمسألة النقل والغذاء والحصول على الدواء والخدمات الرئيسية. لا تهديد الناس يومياً بتوقّف الدعم، وانقطاع المازوت والبنزين، وفي مرحلة مقبلة انقطاع خدمة الإنترنت لعدم القدرة على الدفع للموردين، وإطلاق «وعود» لا تُغني ولا تُسمن عن «بطاقات» ستوزّع على «المحتاجين». كيف سيتمّ تحديد المُستفيدين من البطاقات في بلد تخطّت نسبة الفقر فيه الـ 55%؟ إذا كانت الدولة عاجزة عن إصدار إخراجات قيد، فكيف يثق الناس بإصدار بطاقات؟ وبعدما سُرقت دولارات المودعين واحتُجزت أموالهم لدى المصارف، ولم تُقرّ استراتيجية الحماية الاجتماعية التي وُعد المواطنون بها، وتُعرقل المساعدات العينية، لماذا عليهم أن يُصدّقوا المزيد من الوعود؟ من يُريد إلغاء الدعم، أو ترشيده، فيُفترض أن يكون قد بدأ العمل منذ أشهر، وأطلق البطاقة، وجرّب مدى فعاليتها وعالج الثغرات فيها، قبل أن يترك الناس من دون مُعيل ليواجهوا انهيار قدراتهم الاستهلاكية وانهيار العملة والارتفاع الجنوني للأسعار.
ليل أمس، وصل سعر الصرف في «السوق السوداء» إلى أكثر من 8300 ليرة للدولار الواحد. صحيحٌ أنّ عوامل ارتفاعه «مُبرّرة» بسبب الأزمة المالية/ النقدية، لكنّ جزءاً أساسياً من سعر الصرف يتحكّم به التلاعب السياسي. ولكن «الجوقة» التي تُحرّض ضدّ الدعم، هي نفسها التي تحمي رياض سلامة وتمنع تطبيق القانون وفرض التدقيق الجنائي في كلّ حسابات مصرف لبنان، حتّى تتبيّن فعلاً قيمة الخسائر، والالتزامات والمطلوبات، والمبالغ المُتبقية. ومن غير المُستبعد أن تكون «شيطنة» الدعم أخيراً تمهيداً لتعميم سيُصدره «المركزي» باتخاذ قرار بوقف الدفع لاستيراد المواد المدعومة، أو تخفيف الدعم عن سلع محددة، وأن يصبّ ذلك في خانة الضغط السياسي ليفرض سعد الحريري شروطه في تأليف الحكومة.

الأخبار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى